في الكتاب أعظم بكثير من الضرر، والضرر مغتفر، بينما إذا كان العكس، إذا كان الضرر هو الظاهر فلا مانع أن تبرز الأخطاء، ويحذر منه طلاب العلم؛ لأن الأمة لا تفقد شيء ولا تخسر شيء إذا زهد فيه طلاب العلم، يعني لا مانع أن تفرد أخطاء الرازي في تفسيره؛ لأن ضرره كبير على طلاب العلم، أو الزمخشري في تفسيره، فالأمة في غنية عن هذين التفسيرين، وإن كان فيهما فوائد، لكن لا يليق بطالب العلم المتوسط أن يقرأ في هذين الكتابين، وقل مثل هذا في كثير من الكتب، بعض الكتب الأمة لا تخسر شيء إذا فُقد، وبعضها خسارة فادحة إذا انصرف عنه طلاب العلم، ومن هذا النوع بعض العلماء تجده لحسن مقصد يحذف الراوي الضعيف من أجل أن يعمل الناس بهذا الحديث الذي ثبت عنده، لكن لو مشّى حديث غير ثابت بهذه الطريقة صار غش وتلبيس على الناس، وإيهام لما لا يصح بالصحة.
على كل حال هذا الحديث من رواية الحسن عن سمرة، وقد ثبت سماعه له، وصرح فيه بسماعه منه.
مما يذكر في هذا المجال، وأشار إليه الشارح، ويسأل عنه كثيراً ثقب أذن الصبية من أجل التحلي، جزم بعضهم بتحريمه؛ لأنه اعتداء عليها، وإضرار بها، وأذى وألم، ولا يجوز مثل هذا إلا فيما يضطر إليه، الحجامة وإلا فصد وإلا عملية جراحية لضرورة هذا الطفل إليها، أما مجرد التحلي فهو كمال وتحسين، لا يسلك فيه مثل هذا الأذى، وهذا الضرر، وصرح بهذا الغزالي في الإحياء، لكن عامة أهل العلم على جوازه، وأنه موجود ومتوارث قبل النبوة من عهد الجاهلية، واستمر الأمر على ذلك في صدر الإسلام، وما يلي ذلك إلى وقتنا هذا من غير نكير، وضررٌ مغتفر، ضرر يسير فهو مغتفر في جانب التحلية التي هي مطلوبة بالنسبة للأنثى {أَوَمَن يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ} [(18) سورة الزخرف] هذه من خواص النساء، فيغتفر مثل هذا الضرر، وأمره سهل.