وفي البخاري عن حبيب بن الشهيد قال لي محمد بن سيرين: سل الحسن ممن سمعت حديث العقيقة؟ فقال: من سمرة، فدل على أنه سمعه منه، وإن لم يسمع منه غيره، وبعضهم يثبت السماع مطلقاً لسماعه هذا الحديث، والحسن البصري إمام، رأس من رؤوس التابعين، إمام علم وعمل، لكنه موصوف بالتدليس، فهذا الحديث الذي صرح بسماعه من سمرة هذا لا يشك في سماعه منه، لكن بقية الأحاديث لا بد أن يصرح -رحمه الله-، التدليس وجد في الكبار، وجد عند بعض الأئمة لأمور ومقاصد ارتكبوا من أجله هذا التدليس، وليس بشيء إذا قيس بإمامتهم وعلمهم وعملهم، وإلا فالأصل أن التدليس قادح، لكن يغتفر في جانب إمامتهم؛ لأن من المدلسين من اغتفر الأئمة تدليسه، إما لقلة تدليسه، أو لإمامته، فلا يذم الحسن أو سفيان أو غيرهما بهذه الصفة لما يتحلون به من إمامة في العلم والعمل، ومقاصدهم -مقاصد المدلسين- مختلفة، منهم من يكون هدفه التغطية والتلبيس على السامع حينما يسقط الراوي الضعيف الذي حدثه ويرتقي لمن فوقه بصيغة موهمة، والأمور بمقاصدها، أحياناً يسقط الضعيف لثبوت الخبر عند المدلس، فلو ذكر هذا الضعيف صار سبباً في صد الناس عنه، فيسقط هذا الضعيف؛ لأن الخبر ثابت عنده، فلو ذكرت الواسطة هذا الضعيف تركه الناس، وأحياناً يكون بالعكس الخبر ضعيف، ويريد أن يمشيه على السامع بإسقاط هذا الضعيف، وهو يختلف باختلاف المقاصد، يعني العالم أو طالب العلم حينما يسأل مثلاً عن كتاب، إذا بين كل ما فيه زهد فيه طلاب العلم، فهل يلزمه أن يبين كل ما في الكتاب من عيوب وأخطاء؟ ما يلزمه، لا سيما إذا كان السامع لا يستوعب، ولذا لا يحسن إفراد أخطاء الكتب التي نفعها عظيم في الأمة، يعني ليس من المستحسن، ولا من المستساغ أن تفرد أخطاء ابن حجر في فتح الباري في مجلد مثلاً يزهد الناس فيه، وإذا أشكل عليهم شيء في الصحيح وقيل: اذهب إلى فتح الباري، قال: إيش فتح الباري كله أخطاء؟ هذا نفعه عظيم، وما فيه من مخالفات أشياء مغتفرة في جانب هذا النفع العظيم، ولا يمنع أن يعلق على هذه الأخطاء في ثنايا الكتاب، ويبين الحق فيها، لكن تبرز هذه الأخطاء من أجل أن يزهد فيه طلاب العلم هذا ليس بمنهج، هذا إذا كان النفع