في حديث ابن عمر لما ذكر هذا الحديث قال: "قال أبو هريرة: "أو زرع" وكان صاحب زرع" يقصد أبا هريرة، بعضهم فهم أن ابن عمر يتهم أبا هريرة في هذه الزيادة؛ لأنه محتاج إليها، والأمر بضد ذلك، وعكس ذلك، ابن عمر ما حفظ هذه الكلمة، وأبو هريرة حفظها؛ لأنها تهمه، كان صاحب زرع، فيضبط ما يهمه، وذكرت هذا في مناسبات سابقة، وقلت: على سبيل المثال أنه لو كان هناك محاضرة لطبيب مثلاً، وحضرها جموع من الناس، وتكلم عن مرض معين، وذكر العلاج النافع له، علاج مركب من عشرة أشياء مثلاً تجد المصاب بهذا المرض يضبط هذا العلاج، ويضبط مفردات هذا العلاج، بحيث لا يفوته شيء، بينما البقية يضبطون هذه الأجزاء العشرة؟ ما يضبطونها؛ لأنه ما تهمهم، فالذي يحتاج إلى الشيء يضبطه ويتقنه، ويقع في قلبه موقعاً بحيث لا ينساه، وكل إنسان مر عليه مثل هذا، إذا مر بك شيء ضبطه وأتقنته، يعني تجد الناس يستمعون مثلاً الأخبار في يوم الاثنين، وماذا يصدر عن مجلس الوزراء؟ نعم؟ صدر من مجلس الوزراء أمر يهم فئة من الناس، بقية الناس ما يهمهم، هل يضبطون مثل هذا الخبر مثلما يضبطه أصحاب الشأن الذين يهمهم؟ ما يضبطونه، تسأل من الغد ويش جاء في الأخبار؟ يقال لك: ما أدري والله، ويش جاء؟ سمعنا لكن الذي يهمه الخبر تجده يصغي ويحفظ ويضبط ما يحتاج إليه بخلاف غيره، ومثل هذا أبو هريرة -رضي الله عنه- صاحب زرع، فضبط هذه الكلمة وأتقنها كغيرها؛ لأن أبا هريرة حافظ الأمة.
فقول ابن عمر: "وكان صاحب زرع" لا يفهم منه أنه يقدح في أبي هريرة حاشا وكلا، إنما ليبين أن هذا الأمر يهمه فضبطه ونسيناه، ابن عمر ما عنده زرع.
((إلا كلب ماشية أو صيد أو زرع)) ما استثني إلا هذه الثلاثة، هناك أمور ألحقها بعض العلماء بما ذكر لمطلق الحراسة مثلاً، حراسة البيوت مثلاً، بعضهم يقول: البيت الذي فيه أموال، وفيه ذراري ونساء أولى بالحراسة من الماشية، وأولى بالحراسة من الزرع، لكن هذه الحاجة موجودة في وقت النبي -عليه الصلاة والسلام- فلم يذكرها، فالأولى عدم الإلحاق.