من أهل العلم من يرى أن الخيل كالحمر وكالبغال لا يجوز أكلها؛ لأن الله -جل وعلا- امتن بركوبها، ولم يمتن بأكلها {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا} [(8) سورة النحل] ولو كانت مأكولة لامتن بأكلها كما امتن بأكل بهيمة الأنعام، وأيضاً هي عطف عليها البغال والحمير، وهذه غير مأكولة بالاتفاق على ما تقرر بعد النهي عن أكل لحوم الحمر، والامتنان يكون بأعلى وجوه الانتفاع فلو كان الأكل جائزا ًلكان الامتنان به أعظم من الامتنان بالركوب، وعطف المفردات التي منها المحرم ومنها المباح قالوا: هذا لا يكون في كلام البلغاء، يعني يعطف أشياء بعضها مباح وبعضها محرم هذا لا يكون في كلام البلغاء، لكن كما هو معلوم عند أهل العلم أن دلالة الاقتران ضعيفة، وعطف بعضها على بعض لاشتراكها فيما دل عليه السياق من الامتنان وهو الركوب، الركوب وهي كلها مركوبة، فهي تشترك في كونها مركوبة، ولا تشترك في كونها مأكولة أو غير مأكولة، فالامتنان إنما هو بالركوب، وهذا شيء ملاحظ من يشتري الخيل من أجل الأكل، يعني اقتناء الخيل هل المقصود منه عند عموم الناس في القديم والحديث هو الأكل أو الركوب؟ الركوب، ولا يعني أن كون أظهر وجوه الانتفاع بالخيل أنها لا تؤكل، بينما بهيمة الأنعام أظهر وجوه الانتفاع بها هو الأكل وإن كانت مركوبة.
بعض ما يباع الآن من بهيمة الأنعام لا يشترى من أجل الأكل، وإنما يشترى لوجوه أخرى من وجوه الانتفاع إما للنسل أو لغيره، فهل يعمد عاقل أن يشتري جملاً بمائة ضعف، أو بألف ضعف كما هو موجود الآن، أو تيس أو ما أشبه ذلك يشتريه بهذه الأضعاف المضاعفة من أجل أن يأكل؟ لا، ولذلك لا يعمد إنسان أن يشتري فرساً وبإمكانه أن يشتري جملاً أوفر منه لحماً بأضعاف قيمة الجمل من أجل أن يأكل، وإنما يشترى من أجل أن يركب مما يدل على أن أظهر وجوه الانتفاع بالنسبة للخيل هي الركوب وإن جاز أكلها، وكذلك الأنواع من بهيمة الأنعام يستفاد منها فوائد كثيرة، وينتفع بها من وجوه متعددة، للدر والنسل والصوف، وما أشبه ذلك، ومع ذلك أعظم وجوه الانتفاع بها الأكل، فالإجابة عن الآية بالنسبة لمن قال بحل أكل الخيل من وجهين: