النبي -عليه الصلاة والسلام- اختلفوا هل أوصى أو لم يوصِ؟ هو في مرض موته -عليه الصلاة والسلام- دعا بالكاتب، وأراد أن يكتب لكنه تلاحى عنده فلان وفلان ثم كثر اللغط عنده فامتنع -عليه الصلاة والسلام- من الكتابة، ولعمر -رضي الله تعالى عنه- دور في ذلك، أما بالنسبة لوصيته في بعض الأمور بالصلاة، وما ملكت أيمانكم استوصوا بالنساء خيراً فهذا مستفيض في السنة، لكن ليست هي الوصية التي يكتبها الإنسان قرب وفاته، إنما الذي في الصحيح أنه لم يكتب -عليه الصلاة والسلام-، الأموال التي يمكن أن يوصى بها مما يدخل في هذا الباب، فالأنبياء لا يورثون، وإنما يتركون ما يتركون صدقة، وليس مما يورث، فيفرز بعضه يتصدق به، ويوصى به، وبعضه للورثة، هذا ليس بوارث في حق الأنبياء، ومنهم النبي -عليه الصلاة والسلام-.
في الحديث الأول راوي الحديث ابن عمر -رضي الله تعالى عنه-، وهو الصحابي المقتدي المؤتسي لما سمع هذا الحديث كتب وصيته فوراً، وثبت عنه أنه سئل بم أوصى؟ وقد ذكر أنه ليس له مالاً يوصي به؟ ولا يمنع من أن ينفذ هذا التوجيه النبوي، ثم في النهاية لا يكون له شيء يوصي به ولا تعارض؛ لأنه عرف بالبذل، وعرف بعدم التمسك وإمساك شيء من أمور الدنيا، وعرف بسرعة المبادرة والامتثال، وامتثل قول النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل)) فكان لا يدخر شيئاً -رضي الله عنه وأرضاه-، فيتفق له امتثال هذا الأمر في كتابة الوصية، ويتفق له أنه بادر بإخراج ما يمكن إخراجه في حياته، فلم يحصل له شيء يمكن أن يوصي به.
الحديث الثاني: يقول -رحمه الله تعالى-: