إن فيها شوب اتصال، ولا نحكم عليها بالاتصال المطلق، فقد نجد في كلام بخط شيخ الإسلام ابن تيمية فهل نقول: إن هذا الإسناد متصل بيننا وبينه؟ هي وجادة على كل حال، إذا كنا لا نشك أن هذا خط شيخ الإسلام، ومن عانى الخطوط، واهتم بها يعرف هذه الخطوط ولو لم يلق صاحب الخط، نحن نعرف جزماً خط شيخ الإسلام، وخط كثير من الأئمة بالمعاناة، فإذا وجدنا بخط شيخ الإسلام نقول: وجدنا بخط شيخ الإسلام، وننقل عنه بهذه الصيغة، وقل مثل هذا ما يوجد في حواشي الكتب، إذا وجدت بخط ابن حجر على نسخته من البخاري أو من الترمذي وأنت تعرف خط ابن حجر تنسب إليه القول إذا كنت لا تشك في معرفة خطه، ولا يلتبس عليك أمره، فمثل هذه الأمور يعمل بها عند أهل العلم، ولها شروط عندهم مستوفاة في كتب المصطلح، لكنها لا تفيد الاتصال كالسماع من لفظه، أو العرض عليه، أو الإجازة منه، إنما فيها شوب اتصال كما يقول أهل العلم.
لهم صيغ في الوصايا، لهم في الوصايا صيغ، ثبت عن أنس -رضي الله عنه- بسند صحيح مما أخرجه عبد الرزاق موقوفاً قال: كانوا -يعني الصحابة -رضوان الله عليهم- يكتبون في صدور وصاياهم:
بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما أوصى به فلان أنه يشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، أو أن محمداً عبده ورسوله، وأن عيسى عبد الله ورسوله، وكلمته ألقاها إلى مريم، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور، وأوصى من ترك وراءه من أهله أن يتقوا الله، ويصلحوا ذات بينهم، ويطيعوا الله ورسوله إن كانوا مؤمنين، وأوصاهم بما أوصاهم به إبراهيم بنيه ويعقوب أن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون، ثم يذكر ما يحتاج إلى ذكره في هذه الوصية.