وعن عبد الرحمن بن عثمان التيمي -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن لقطة الحاج. رواه مسلم.
يقول المؤلف -رحمه الله-:
"وعن عبد الرحمن بن عثمان التيمي -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن لقطة الحاج. رواه مسلم".
سبق في خصائص مكة أن لقطتها لا تحل إلا لمنشد، إلا لمن يعرفها فقط، لا على نية أنه بعد تعريفها مدة سنة يستنفقها، ويستفيد منها؛ لأن لقطة الحرم -وهذا من خصائص مكة- لا تحل لآخذيها مطلقاً، وهنا في هذا الحديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن لقطة الحاج الحاج إذا ضاع منه شيء في مكة، أو في حدود الحرم دخل في الحديث الأول، يعني بين هذا الحديث والحديث السابق عموم وخصوص من وجه، فهذا أعم، لقطة الحاج أعم من لقطة مكة؛ لأن لقطة الحاج قد تكون بمكة وقد تكون خارج مكة، قبل أن يصل إلى مكة، أو بعد أن يرجع من مكة، فلا تلتقط، ما يلتقط ما سقط وضاع وضل من الحاج، لا في ذهابه ولا في إيابه، ما دام يطلق عليه حاج، في هذه الرحلة المباركة، هو حاج فلا تحل لقطته، فقد نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن لقطة الحاج ولو كانت خارج الحرم، فالحاج خاص لمن تلبس بالحج، أو أراده، لكنه عام في المكان، خرج من بغداد يريد الحج، وفي طريقه فقد شيئاً هذا يسمى لقطة هذه اللقطة لا تحل لملتقطها البتة، بل نهي عن التقاطها، وإذا وصل إلى مكة حاجاً صارت اللقطة أشد النهي عن التقاطها إلا لمنشد أشد، لا بنية التمليك بعد سنة؛ لأنه اجتمع فيها الأمران، كونها لقطة مكة، وكونها لقطة حاج، اللقطة في مكة تشمل لقطة الحاج وغير الحاج، لكن خاصة في هذا المكان، فبين الحديثين عموم وخصوص وجهي، فهذا أعم من وجه، وأخص من وجه، وذاك كذلك أعم من وجه، وأخص من وجه، فالحاج الذي يريد أن يؤدي هذه الفريضة التي هي ركن من أركان الإسلام، وتكلف وتجشم، وقد يكون قد اقترض للحج، ونفقة الحج، فمثل هذا لا يفوت عليه ماله كغيره ممن هو في السعة، ومنهم من حمل هذا الحديث على الحديث السابق، فالمراد بلقطة الحاج إذا كانت بمكة، فيكون مفاد الحديثين واحداً، نعم.