((فليشهد ذوي عدل)) لأنهما يعينانه عليها إذا نسي ويذكرانه ((وليحفظ عفاصها)) الذي هو الوعاء، والظرف الذي توضع فيه ((ووكاءها)) والوكاء وهو الرباط الذي يربط به الوعاء ((ثم لا يكتم ولا يغيب)) لا يكتم هذه اللقطة، بل عليه أن يعرفها ويشهر أمرها؛ لكنه مع ذلك لا يبين من حالها ما يبين لبعض من يدعيها وهي ليست له؛ لأن بعض الناس قد يستجر ويستدرج، فإذا قال عند باب المسجد: من فقد مالاً فليأتني، ثم جاءه شخص من أهل الحيل وأهل الاستدراج، وأخذ المعلومات من حيث لا يشعر الإنسان، بعض الناس يستدرج حتى يأخذ جميع ما عندك من معلومات، وأنت ما تشعر، يصير لديه معرفة وخبرة بهذا الأمر، ثم أنت تقر له بأمور يستدل بها على بعض أوصاف هذه اللقطة، ثم يصفها لك وقد استنبط هذه الأوصاف من تصرفاتك، مثل هذا لا يجوز أن تبوح له بما يستدل بها عليها، وأنت أيضاً لا يجوز لك أن تكتم، يقول لك: الوكاء كذا الوعاء كذا، وأنت تقول: لا هذا ما هو صحيح لتفوت الفرصة عليه حتى تتم السنة ثم تضيع عليك الاستفادة منها ((ولا يغيب)) يعني يترك التعريف بها حتى يغلب على ظنه أن صاحبها أيس منها فلا يبحث عنها ((فإن جاء ربها)) يعني صاحبها، والرب يطلق مع الإضافة على غير الله -جل وعلا-، أما من غير إضافة فلا يطلق إلا على الله -جل وعلا-، الرب هو الله -جل وعلا-، وأما رب الدابة، ورب الدار، ورب ما أضيف إليه فإنه يجوز ذلك، ورب الأسرة، لكن ما يقال له: الرب، ((فإن جاء ربها فهو أحق بها)) من غيره يعني خلال السنة، وإن لم يأت إلا بعد مضي السنة أو لم يأت أصلاً ((فهو مال الله يؤتيه من يشاء)) يعني لك أن تستعمله، يعني لك أن تستعمل هذه اللقطة، وتستفيد منها بنية ضمانها، إذا جاء صاحبها يوم من الدهر.
"يقول: رواه أحمد والأربعة إلا الترمذي، وصححه ابن خزيمة وابن الجارود وابن حبان" هذا الحديث لا سيما في قوله -صلى الله عليه وسلم-: ((مال الله يؤتيه من يشاء)) يستدل به من يقول: إن اللقطة تملك ولا تضمن بعد الحول، وهذا القول معروف عند الظاهرية، وأما الجمهور فعلى الضمان، نعم.