"وفي رواية لمسلم: قال: ((فأشهد على هذا غيري)) " هل معنى هذا أنه يأذن له في أن يستمر في هبته لكن يشهد على هذا غير النبي -عليه الصلاة والسلام- لأن منزلته أعظم على مثل هذا؟ فيكون فيه إذن وإباحة؟ أو أن السياق سياق تهديد: {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ} [(40) سورة فصلت]؟ لأن منهم من يرى أن التسوية غير واجبة، التعديل بين الأولاد غير واجب، بل التفاضل مكروه، بدليل أنه قال: ((أشهد عليه غيري)) ولو كان محرماً لما أمر بإشهاد غيره، لأنه لا يجوز لغيره أن يشهد على محرم، نقول: ليس الأمر هنا للإذن بل هو للتهديد، كقوله -جل وعلا-: {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ} [(40) سورة فصلت] "ثم قال: ((أيسرك أن يكونوا لك في البر سواء؟ )) قال: بلى قال: ((فلا إذاً)) " يعني فلا تفضل بعضهم على بعض ليتم البر منهم على حدٍ سواء، وما وجد العقوق والتمرد على الآباء إلا بعد أن وجد التفضيل لبعض الأولاد على بعض، فالتفضيل سبب للعقوق، كثير من الأولاد خله ينفعه فلان، هو الغالي عنده وهو اللي .. ، موجود هذا، إذا وجد التفضيل من بعضهم على بعض لا شك أن البشر كثير منهم لا يحتمل مثل هذا، وإلا فالأصل أن على الابن أن يؤدي ما عليه، وأن يسأل الله -جل وعلا- الذي له، ويطالب أباه بما له، ويخوفه بالله ويأمره بالعدل، ويضرب له مثل هذا النص، نعم.

وعن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((العائد في هبته كالكلب يقيء ثم يعود في قيئه)) متفق عليه.

وفي رواية للبخاري: ((ليس لنا مثل السوء الذي يعود في هبته كالكلب يرجع في قيئه)).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015