إنسان يعطى ما يناسبه وما يعطاه مما يناسبه تعديل، لو اشترى للزوجتين وبينهما من العمر عشرين سنة مثلاً، الأولى عمرها أربعين والثانية عشرين، اشترى لهم من قماش واحد، وتفصيل واحد، يصلح وإلا ما يصلح؟ الكبيرة تقول: هذا لا يناسبني، هذا ثوب شهرة يصلح للصغار، والصغيرة تقول: لا يناسبني هذا دون مما أحتاجه، ولذلك في مثل هذه الأمور أفضل ما يكون أن يعطوا دراهم يتصرفون فيها كل على حسب حاجته، وبهذا يتم التعديل وينضبط، أما تأتي للكبرى وبينهما .. التي قد تكون بنت من بنات هذه الكبرى أكبر من هذه الزوجة، وتأتي لها بثوب مثل ثوب الصغرى ما هو مناسب، والعكس كذلك ليس بمناسب، فمثل هذه الأمور لا يحلها إلا الدراهم، هي التي يمكن فيها التعديل، فإذا أعطيت هذه خمسمائة وهذه خمسمائة انتهى الإشكال ولا كلام لأحد، وكل واحد منهما تشتري ما يناسبها يعني في حدود ما أباح الله -جل وعلا-، أما لو أرادات إحداهما أن تشتري شيئاً محرماً لذاته أو وصفه فإنها لا تمكّن من ذلك، قد يقول قائل: إن مثل هذا يسهّل لها الخروج لقضاء حوائجها، ولو تولى الأب أو الزوج تأمين هذه الأمور بنفسه وامتثل جعل النسوة يمتثلن القرار في البيوت، لا شك أن هذا أولى وأكمل لكن لا ينضبط، لا يمكن ضبطه، فالتعديل في مثل هذا يكون بالفلوس تبرأ الذمة بمثل هذا، يعني يحدد للزوجات مثلاً مصروف، وهذا تبعاً ليسار الزوج وعسره فيزيد إذا كانت أموره متيسرة، ويقل إذا كانت أموره أقل وهكذا، فالمتوسط لو أعطى الزوجات كل واحدة خمسمائة وأعطى كل واحد من الأولاد والبنات مائتين أو ثلاثمائة ماشي ما يكون ظلم أحد منهم.
" ((اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم)) فرجع فرد تلك الصدقة" امتثالاً لقوله -عليه الصلاة والسلام-: ((فأرجعه)) فرد تلك الصدقة فدل على أن الجور والميل وعدم التسوية وعدم التعديل أمر ليس عليه أمر النبي -عليه الصلاة والسلام-، فهو رد، أي مردود، فلا بد من رده في حياة الواهب، وبعد مماته، خلافاً لمن يقول: إنه إذا مات ثبت الإثم في حقه، وثبتت العطية والهبة لمن وهبت له.