تبعاً للحديث السابق الذي هو الإقطاع، وأيضاً هذا الحديث اللاحق السلطان يعني هبات السلطان مثلما ذكرنا أنها إذا جاءت من غير استشراف يقبل الإنسان، ولا فيها إشكال، وهي من بيت المال، لا منة فيها لأحد، وبعض الناس يتوسع في هذا الباب، وتجده يستشرف، ويزاحم الولاة ويؤذيهم، ويستكثر بذلك، هذا طرف، والطرف الثاني -وهو حاصل يا إخوان- تأتيه الهبة وهو بأمس الحاجة إليها، وهو مضطر إليها، ولا يخشى من شيء، وقد يسلك لقضاء حوائجه بعض المسالك التي فيها منة عليه، وقد يكون فيها ضرر في دينه أو على ولده ما فيه، فمثل هذا لا شك أنه الدافع إليه الورع، لكن ينبغي المسألة تكون فيها شيء من التوازن، أشد من ذلك شاب من طلاب العلم طلب أبوه هبات من بيت المال، فأقطع أرض تحتمله وتحتمل أولاده ويمكن يوزعها على أولاده تأتي لهم مساكن بالراحة، فواحد من أولاده طالب علم قال: أنا لا آخذ هذه الهبات ولا أستشرف! قلت: يا أخي ما استشرفت، كون أبوك استشرف وطلب وجاء بها لك من غير استشرافٍ منك لا يمنعك من قبولها، والأمر الثاني في هذا كسر خاطر للأب، فعلى الإنسان أن يسدد ويقارب ما يقول: لا أبداً يرفض من أبيه ما يأتيه، بعض الناس الأب يكون من حرصه وشفقته على أولاده يطلب لهم شيء من بيت المال، وهذا شيء مشاهد، نعم الاستشراف والمزاحمة وكذا خلاف الأولى ومكروهة، لكن لا يعني أن الإنسان يقع من أجلها في محذور، يعني أب يأتي يشكو ولده بأنه طلب لهم أراضٍ تعينهم على أمور دنياهم وهذا بحاجة إلى زواج ما وجد مهر، فقال: أنا لا أقبلها، لا شك أن الورع مطلوب، والعزوف عن الدنيا مطلوب، والاكتفاء والقناعة مطلوبة، لكن يبقى أن هناك موازنة، أبوك، هذا أبوك، برّه واجب عليك، وجبر خاطره مطلوب منك، تكلّف وتعنّى وأنت جاءتك هذه الأرض من غير استشراف، ما هو أنت الذي استشرفت، وبعض الناس يسعى له من غير طلبه ولا استشرافه ثم بعد ذلك يرفض! نعم نقول: إن الأصل الورع، وطالب العلم ينبغي أن يعيش على كفاف، فلا إفراط ولا تفريط، طلاب العلم رأينا من بعضهم لما انفتحت الدنيا وانشغل الناس بها في الأيام الأخيرة في الأسهم وما الأسهم انصرفوا انصرافاً كلياً، وجاءني سؤال في درسٍ من الدروس