الهبة من ولي الأمر إذا جاءت لشخص من غير استشراف فليقبلها، من غير استشراف، وجاء في ذلك الحديث الصحيح، أن يقبلها ما لم يكن من وراء هذه الهبة وهذه العطية شيء يراد من هذا الشخص، ولذا في الصحيح -في صحيح مسلم-: "أما إذا كانت ثمناً لدينك فلا" فسواءً أقطعه الإمام أرض أو أعطاه هبة من غير استشراف هذا لا بأس يقبل، وجاءت النصوص الصحيحة الصريحة بهذا، لكن شريطة أن لا تكون ثمناً للدين، أما إذا كانت ثمناً لدينك فلا، قد تكون ثمناً للدين والإنسان ما يشعر، وولي الأمر ما يطلب منه المقابل، لكن بعض الناس مجرد ما يحسن إليه يتنازل، فإذا عرف من نفسه هذا الأمر فلا يقبل، ولو لم يطلب منه، ولي الأمر رأى أن هذا الشخص نافع للناس، وباذل جاهه للناس، وفاتح بابه للناس، يستحق أن يعطى من بيت المال ما يعينه على الاستمرار، لكن هذا الشخص يقبل لأنه من غير استشراف، يبقى أنه إن كان يعرف من نفسه ولو لم يطلب منه أنه يتنازل عن شيء ولو لم يطلب منه ولي الأمر يتنازل بدون طلب فمثل هذا لا يقبل "أما إذا كانت ثمناً لدينك فلا" سواء كانت معاوضة أو أنت تعرف من نفسك أنك لا تحتمل مثل هذه الأمور فتتنازل عن بعض الأشياء، أو تعرف من نفسك أنك إذا وسّع عليك مجرد التوسعة عليك، بعض الناس إذا توسعت عليه أمور دنياه ضاع دينه، ولو لم يطلب منه شيء، هو بنفسه يبادر، وجاء في الخبر: ((من الناس أو من عبادي من لا يصلحه إلا الفقر، ولو أغنيته لأفسده ذلك، ومن الناس من لا يصلحه إلا الغنى، ولو أفقرته لأفسده ذلك)) فمثل هذا يحتاط له.
وعن ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أقطع الزبير حضر فرسه، فأجرى الفرس حتى قام، ثم رمى سوطه فقال: أعطوه حيث بلغ السوط. رواه أبو داود، وفيه ضعف.