طيب عندنا مسجد يقال له: مسجد الضرار، هل هو من هذا الباب أو من غيره؟ هل له علاقة بهذا الباب؟ كيف سميّ مسجد ضرار؟ والضرار في الخبر الذي معنا هو معاقبة الجاني بأكثر من جنايته، وقد يقول قائل: ونحن نقول: الضرر إيصال الأذى إلى الغير، والضرار معاقبته بأكثر من هذا الضرر، قد يقول قائل: إن القاعدة هذه منتقضة، بأي شيء؟ شخص يسرق ثلاثة دراهم فتقطع يده؟ هل كانت العقوبة بقدر الجريمة؟ نعم يا إخوان؟ يعني إذا قلنا: الضرر الابتداء بما يضر، والضرار العقوبة بأكثر مما يستحقه الجاني فإذا سرق ربع دينار أو ثلاثة دراهم قطعت يده، هل نقول: هذا ضرار؛ لأنه أعظم من الجناية؟ لا، أبداً، لماذا؟ لأن هذه الدراهم ليست مقصودة لذاتها؛ لأن الذي يسرق ثلاثة دراهم يسرق ما وراءها، يسرق ما هو أعظم منها، لكن لو سرق ثلاثة دراهم أو ربع دينار وقطعنا يديه كلتيهما قلنا: ضرار بلا شك، لو قلنا: هذا هو الضرار، طيب مسجد الضرار وش علاقته بالحديث؟ يعني منصوص عليه في سورة التوبة؟ هل له ارتباط له بالحديث أو لا ارتباط له به؟ الفعل ضارّ يضارّ مضارةً وضراراً، فهي مفاعلة بين شيئين، فالذين عمروا المسجد ماذا كان هدفهم؟ تفريق المسلمين، فهل هذه المضارة حصلت من طرفٍ واحد أو من طرفين؟ من طرف واحد، إذاً المفاعلة ليست على بابها، وإلا فالأصل أن المفاعلة تكون بين طرفين، وهؤلاء حصل الإضرار والضرار منهم فقط، فوقعوا في الإضرار بالأمة حيث أرادوا وقصدوا تفريق الصحابة عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، طيب لو شخص مثل عامر هذا المسجد عمر هذا المسجد ويريد بذلك أن يجتمع فيه المسلمين لأداء الصلوات والدروس العلمية، ثم جاء آخر فعمر مسجداً قريباً منه ليسحب هؤلاء الحضور عنه، وإمام المسجد هذا وإمام المسجد الثاني ما في تميّز لأحدهما عن الآخر، كما كان في عهده -عليه الصلاة والسلام-، هل نقول: المسجد الثاني مسجد ضرار؟ أراد أن يسحب المصلين عن هذا المسجد، والطلاب والحلق عن هذا المسجد؟ أراد الضرار بعامر المسجد؟ عامر المسجد عمر المسجد، وأنفق عليه، وأجره على الله، لكن يبقى أنه إذا صار مأوىً للمتعبدين، ومأوى لطلاب العلم، لا شك أن أجره يعظم، لا سيما إذا كان لعامر المسجد