على كل حال إذا احتيج إلى هذه الأرض مصلحة عامة، مرفق عام يحتاجه الناس فإنه لا يجوز حينئذٍ إحياؤه ولا يملك بالإحياء، أما إذا خلا من الملك والاختصاص والعمارة لأحد ولا يحتاجه الناس فإنه حينئذٍ ينطبق عليه الحديث: ((من عمّر أرضاً ليست لأحدٍ فهو أحق بها)) أحقّ بها، أحقّ: أفعل تفضيل، وأفعل التفضيل تقتضي أن هناك شيئين فأكثر يشتركان في وصف هو الحقّ، لكن يفوق أحدهما الآخر في هذا الوصف، فمعنى هذا أن الناس كلهم لهم حق في هذه الأرض؛ لأنها ليست لأحد، فالناس يتساوون فيها والحق لهم مشاع فيها، لكن من سبق إليها وتقدّم إلى ما لم يسبق إليه في هذه الأرض وحقّق الشرط في الحديث: ((عمّر)) فهو أحق بها من غيره، وحينئذٍ يبقى فيها حق لأحد أو لا يبقى؟ إذا عمّرها فهي له كما في الحديث، كما سيأتي في الحديث الذي يليه، ينقطع حق الغير عنها، وتصير ملكاً له إذا أحياها الإحياء المعتبر، ويبقى أنها إذا عادت مواتاً، أحياها مدة، زرعها مدة، ثم بعد ذلك رأى أنه ليس من المصلحة أن يتابع في زراعة هذه البقعة فأهملها وعادت مواتاً كما هي، نعم تعود موات وإلا تستمر حق له يبيعها؟ يعني فهي له ملك دائم مستمر أو ملك معلّق بوصف متى وجد هذا الوصف وتحقق هذا الوصف فهي له أو فهو أحقّ بها؟ يعني علقت بوصف، يعني كانت الأراضي ليست على هذه الصفة، أو مثل هذا الوقت الذي نعيشه، يعني بالإمكان أن يزرع اليوم في هذا المكان ويصير له وبعدين يرحل يشوف مكان ثاني، يعني ما تعلق الناس بالدنيا مثل تعلقهم الآن، لم يتعلقوا بالدنيا كتعلقهم الآن، الآن البيت جزء من الحياة عند الناس، لكن قبل؟ بإمكانه يزرع في هذا المكان إذا ما ناسب يشوف مكان ثاني ولا أحد يقول له: وين أنت رايح؟ ولا يستأذن إمام ولا شيء، هذا قول الجمهور أنه لا إذن للإمام في مثل هذا، لكن عند الحنفية لا بد من إذن الإمام، متى يتجه القول بقول الحنفية؟ أولاً: النصوص خالية عن إذن الإمام، لكن قد يتجه القول بقول الحنفية متى؟ إذا وجد مثل الظرف الذي نعيشه من المنافسة على هذه الأمور والشحناء، ولو قيل في مثل هذا الوقت: إنه لا إذن لإمام في مثل هذا لا شك أن الناس يقتتلون على هذه الأراضي، فلا بد من تنظيم في