العناية بالحديث ينبغي أن تكون هم طالب العلم بعد العناية بالقرآن، ولا مانع أن يضبط علم من العلوم ويكون فيه خلل في علوم أخرى، هذا موجود، ولا يوصم بأنه ضعيف في كل العلوم لأنه ضعف في علم من العلوم، فأبو حنيفة إمام في الفقه لكنه في الرواية أقل، عاصم بن أبي النجود إمام من أئمة القراء، قراءته من أجود القراءات، قراءته متواترة ومع ذلك هو في حفظه بالنسبة للسنة أقل، مغموز في حفظه، ومثل هذا لا يطعن في هذا، لماذا؟ لأن الاهتمام بباب أو بفن من الفنون يجعل الإنسان يتقنه، ولا يلزم منه أن يتقن جميع العلوم، لا يلزم في إنسان ولا يفترض في شخص أنه يتقن العلم كله بجميع فروعه وأبوابه، قد يكون الإنسان معروف مرجع في العربية، لكن إذا سألته عن العلوم الشرعية أقل، قد يكون في باب الفرائض مثلاً إمام، لكن تسأله في أبواب أخرى من أبواب الفقه أقل، وهذا لا يقدح فيه، ولا يعني أنه لا يستفاد منه في هذا الباب، أو يقال: إن في تحصيله لهذا الفن أو لهذا العلم خلل، فعاصم بن أبي النجود إمام من أئمة القراء، وضعفه في الحديث الذي ذكر عنه لا يؤثر على إمامته وقراءته أبداً في وجه من الوجوه، وكون الإمام أبي حنيفة ضعيف من ناحية الحفظ، لا يعني أنه ضعيف في مسألة النظر الصائب في المسائل الفقهية، لكن باعتبار ارتباط الفقه بالأثر الذي يجمع بينهما لا شك أنه أولى بالإتباع، والله أعلم.

وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015