"رواه عبد الرزاق، وفيه انقطاع" يعني في إسناده انقطاع، وهذا الانقطاع وصله البيهقي لكن من طريق الإمام أبي حنيفة -رحمه الله-، وهو إمام عند جمهور المسلمين، الإمام الأعظم، وإمام مقتدى به، وإمام متبوع، لا إشكال في كونه إماماً معظماً عند جمع غفير من المسلمين، لكنه في هذا الباب، في باب الرواية، يعني في باب الفقه إمام، جبل، إمام عظيم، بل يقولون: الأعظم، لكن في باب الرواية تكلم فيه أهل العلم من جهة حفظه، لا من جهة ديانته إنما من جهة حفظه، ورموه بسوء الحفظ، وهذا لا ينافي هذا، يوجد من الفقهاء الكبار من ضعف حفظه؛ لأن الحديث يصعب ضبطه وحفظه وإتقانه، وجمع أطرافه، لا سيما بالنسبة لمن يلتفت إليه مؤخراً، الذي يعتني بالحديث من أول الأمر بالتدريج يدرك، لكن الذي لا يلتفت إليه إلا بعد أن يكبر في السن، ويطعن في السن، مثل هذا يصعب عليه أن يجمع الحديث، ولذا وجد في كبار الأئمة في سائر العلوم من يوصف بسوء الحفظ، يوجد، القرآن يمكن ضبطه، وقد يكون أتقن القراء، أو من أتقن القراء، ومع ذلك إذا جاءت روايته للحديث ضُعف؛ لأن ضبط القرآن ممكن، وقد تكون عناية هذا الشخص بالقرآن من الصغر، فيضبطه ويتقنه، وإذا التفت إلى الحديث ضعف، قد تكون عنايته بالفقه من أبوابه ومن أصوله وعلى قواعده وضوابطه، ويتقن الفقه والنظر، يكون لديه النظر التام في المسائل العلمية، لكنه الحفظ عنده أقل، وهذا مشاهد، تجد بعض طلاب العلم، بل بعض أهل العلم إذا بحث مسألة أمامه هذه المسألة ذكر كل ما يتعلق بها مما يدور في فلكها، لكن إذا أراد أن يستدل لها بدليل نقلي صعب عليه؛ لأنه ما اعتنى بالحفظ من أول الأمر، وهذه عادة أهل الرأي، تجدهم في مسائلهم الفقيه فيها شيء من البسط، وفيها شيء من الاستطراد والتوضيح، وذكر الأشباه والنظائر، مسائل كثيرة يفرعونها على قواعد، لكن عند الاستدلال قد يضعف الواحد منهم، ولا يقال: إن أهل الرأي، ويقصد بذلك من مدرسة الكوفة كأبي حنيفة وغيره من أهل العلم أنهم لا يعتمدون على النصوص، عمدتهم النصوص، ولا فقه إلا بنص، لكن قد يكون الغالب على هذا الفقيه الرأي فينسب إليه، وقد يكون الغالب على هذا الفقيه الأثر فينسب إليه، وعلى كل حال