بعد هذا حديث: "ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه)) رواه ابن ماجه" وسند ابن ماجه ضعيف جداً، وفي الباب عن أبي هريرة يعني يشهد لحديث ابن عمر عند أبي يعلى والبيهقي، وفيه أيضاً عن جابر عند الطبراني، والأحاديث كلها ضعاف، لكن مجموعها، وكون الحديث يأتي من طرق، وعن جمع من الصحابة يدل على أن للأمر أصلاً، يدل على أن له أصلاً، ولذا حسنه بعضهم بشواهده، وهو جارٍ على الأصل في أن الأجير يبادر بإعطائه أجرته، وكونه قبل أن يجف عرقه هذه مبالغة في المبادرة؛ لأن التأخير مطل، والمطل حرام، المطل حرام لا سيما إذا طلب، فإذا كان المستأجر اتفق مع الأجير على مبلغ معين فبمجرد ما ينتهي يكون قد استحق، استحق هذا الأجر، فلا يجوز أن يماطل مع القدرة على الدفع، وإذا كان لا يستطيع الدفع بعد الفراغ من العمل لأنه لا يجد الأجرة فعليه أن يبين أن الأجرة قد تتأخر، أنا لا أملك الأجرة الآن انتظر علي أسبوع، شهر، فإذا رضي بذلك فالأمر لا يعدوه.
((أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه)) قلنا: إن هذه مبالغة في عدم التأخير، وعدم المطل للأجير، والأجير الذي تعب في إنجاز هذا العمل، وعرق بسببه، والعرق لا يأتي إلا بسبب التعب، أو بسبب الحر الشديد، وقد يكون مضطراً إلى هذا العمل، فمثل هذا يجب أن يراعى، وأن لا يماطل، وأن لا يشق عليه، وأن لا يردد، وأن لا يضاع وقته، وعلى كل حال الحديث بجميع طرقه فيها ضعف، وبمجموعها يدل على أن للأمر أصلاً، وهو جارٍ على القواعد، وأن من استحق شيئاً لا يجوز تأخيره إلا بإذنه.