((إن أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله)) فأخذ الأجرة على مثل هذه القربة التي هي من أعظم القرب جائز، عملاً بهذا الحديث، وبهذا قال مالك والشافعي، ويرى الإمام أبو حنيفة أنه لا يجوز الأخذ على القرب، لا على تعليم القرآن ولا علي غيره، وهو رواية عن أحمد، ويستدلون بحديث عبادة بن الصامت عند أبي داود أنه علم أناساً من أهل الصفة الكتاب فأهدى له رجل منهم قوساً، فقال عبادة: القوس ليست بمال، وإنما أرمي بها في سبيل الله -عز وجل-، فذكر ذلك للنبي -صلى الله عليه وسلم- فقال له: ((إن كنت تحب أن تطوق طوقاً من نار فاقبلها)) هذا حديث عبادة يدل على تحريم أخذ الأجرة على تعليم القرآن، عبادة -رضي الله عنه- من البداية أراد أن يعلم هؤلاء الفقراء من أهل الصفة القرآن مجاناً بدون ذكر أجرة، ثم بعد ذلك قبل الهدية، والهدية بمثابة الأجرة، فحذره النبي -عليه الصلاة والسلام- منها، فاستدل به أبو حنيفة على المنع من أخذ الأجرة على تعليم القرآن، ولا شك أن الورع عدم الأخذ، الورع عدم الأخذ على تعليم القرآن، ولا على تعليم العلم الشرعي، ولا على الإمامة، ولا على المئذنة، هذه الأجرة التي تتبع المشارطة، لا أعلمك القرآن إلا كل آية بكذا، والحديث بكذا، والفصل من كتاب كذا بكذا، الورع معروف، العبادات البدنية الخاصة التي لا تعوق الإنسان عن مصالحه، مثل هذه إذا شارط عليها حُرم اتفاقاً، إذا قال: لا أصلي بكم إلا بكذا؛ لأن مثل هذا لا يعوقه عن تحصيل دينه ولا دنياه، بخلاف التعليم التعليم يحتاج إلى وقت، وجلوس للطلاب فمثل هذا يبيحه جمع من أهل العلم أخذاً بحديث الباب ((إن أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله)) أخذ الأجرة على التحديث مسألة يختلف فيها أهل العلم، فيمنعها أهل التحري والورع، يمنعونها، وينبغي أن يعلم ابن آدم كما جاء في الخبر: ((يا ابن آدم علم مجاناً كما علمت مجاناً)) ويستدل جمع من أهل العلم بمثل هذا الحديث فيجيز أخذ الأجرة على التحديث؛ لأنه إذا جاء أخذ الأجرة على تعليم القرآن فالحديث من باب أولى، وبعضهم يفرق بين العلوم الشرعية فيمنع، وما عداها فيجيز، حتى أنه وجد من يعلم ألفية بن مالك كل بيت بدرهم، هذا التعليم، الكتابة مثلاً