فبقدر هذا الجرم تكون العقوبة، ولذا قال الله -عز وجل-: ((أنا خصمهم يوم القيامة)) فماذا عن هذا الذي بيع وامتهن؟ وماذا عن والديه؟ ماذا عن ما في قلب أمه وأبيه من الحسرة والحرقة؟ يسرق الولد ويباع في بلد آخر! جرم قد لا يتصوره العقل، يعني لو أن إنسان تصور مثل هذا في ولده، فزع وقلق قلقاً شديداً وهو مجرد تخيل، فضلاً عن كونه واقع، وقد وقع، ولا يكون هذا كما يقال في بعض المجتمعات أن هذا مبرر لإلغاء الرق، هذا ليس بمبرر لإلغاء الرق، يعني وجد مثل هذا النوع، ووجدت سرقة الأحرار وبيعهم في بلدان أخرى، لكن مثل هذا لا يقضي على حكم شرعي، يقضي على هذه الظاهرة نعم، أما على الحكم الشرعي فلا.
((ورجل باع حراً فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيراً فاستوفى منه ولم يعطه أجره)) هذا الأجير المستضعف لماذا عمل؟ لماذا امتهن نفسه بخدمة غيره وتعب في هذا العمل؟ وقد يكون العمل شاقاً، وما عمل فيه إلا لحاجته، استأجر الأجير فاستوفي منه العمل، استوفي منه العمل ولم يعطه أجره، وهذا في سائر الأعمال، في البناء، في غيرها من الأعمال الكتابية وغيرها، إذا استأجرت أجيراً على أي عمل كان مجرد ما يستحق الأجرة باستيفاء العمل تدفع له أجرته؛ لأن تأخير الأجرة مطل، والمطل ظلم يبيح العرض والعقوبة، ((ولم يعطه أجره)) رواه مسلم، كذا يقول الحافظ، وهو في البخاري، نعم.
وعن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إن أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله)) أخرجه البخاري.
وعن ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه)) رواه ابن ماجه.
وفي الباب عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- عند أبي يعلى والبيهقي وجابر -رضي الله تعالى عنه- عند الطبراني، وكلها ضعاف.
وعن أبي سعيد -رضي الله تعالى عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من استأجر أجيراً فليسمِ له أجرته)) رواه عبد الرزاق، وفيه انقطاع، ووصله البيهقي من طريق أبي حنيفة.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: