"وفي رواية لهما سألوه أن يقرهم بها على أن يكفوا عملها" يريحوه من عملها، يقوموا بعملها، "ولهم نصف الثمر" والنصف هو الشطر الذي تقدم ذكره "فقال لهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((نقركم بها على ذلك ما شئنا)) " فهل تجوز المزارعة إلى أجل مجهول؟ لأن ما شئنا مجهول ((نقركم بها على ذلك ما شئنا)) لأنه -عليه الصلاة والسلام- يريد إجلائهم عن جزيرة العرب، قد أمر بذلك وفعله عمر -رضي الله تعالى عنه-، فالمشيئة هذه مردها إلى تقرير الحكم الذي أراده -عليه الصلاة والسلام- وهو إجلائهم، وليس في هذا دليل على أن المزارعة تصح مع الجهالة، قد تصح مع العلم من وجه، والجهل من وجه، إيش معنى هذا الكلام؟ تصح على أن تكون إلى نتاج الزرع، يعني لمدة سنة، حتى ينتج هذا الزرع الذي اتفق عليه، وأما بالنسبة لأعداد السنوات القادمة، قد يجدد العقد وقد لا يجدد، ولذا يقول: ((نقركم بها على ذلك ما شئنا)) يعني إلى أن تنتج الثمرة، وتستحقوا ما اتفقنا عليه، وبعد ذلك ننظر إلى ما شئنا.
"فقروا بها" قروا يعني استقروا وثبتوا ومكثوا بها في عهده -عليه الصلاة والسلام-، وفي عهد أبي بكر إلى أن جاء عمر فأجلاهم إلى تيما وأريحا، "فقروا بها حتى أجلاهم عمر"، "ولمسلم أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دفع إلى يهود خيبر نخل خيبر، وأرضها على أن يعتملوها" يعني على أن يعملوا فيها من أموالهم، ويكون البذر والسقي، وكل ما يتطلبه الحرث والزرع عليهم "على أن يعتملوها من أموالهم ولهم شطر ثمرها" في بعض النسخ: "وله -عليه الصلاة والسلام- شطر ثمرها" والخلاف غير مؤثر؛ لأنه إذا كان لهم الشطر فالباقي لمن؟ له -عليه الصلاة والسلام-، وإذا كان له -عليه الصلاة والسلام- الشطر فالباقي لهم.
في الحديث الذي يليه، يقول: