((وإذا اُتبع أحدكم على مليء فليتبع)) و ((إذا حيل على مليء فليحتل)) يعني يقبل الحوالة، وعلى هذا يشترط في الحوالة كما يقول أهل العلم لفظها، أحلتك على فلان، أو أتبعتك فلاناً، يشترط فيها لفظها، ورضا المحيل، يعني أنت تطلب زيد من الناس ما تستطيع أن تفرض عليه أن يحليك على كذا، لا تستطيع أن تفرض عليه، فلا بد من رضا المحيل، وهذا بلا خلاف، ورضا المحال عند الأكثر، وإن خالف بعضهم في رضاه؛ لقوله -عليه الصلاة والسلام-: ((فليتبع)) وفي رواية: ((فليحتل)) إذا أُمر شرعاً هل يشترط رضاه؟ لا يشترط رضاه، وبعضهم يقول: لا بد من رضاه؛ لأن مثل هذا قد يحصل له به ضرر، قد يكون مليء وباذل لكن يحصل له ضرر، يحال على شخص يجامله، ويخجل منه أن يطالبه مثل هذا يتضرر، ولو كان مليئاً، على كل حال مثل هذه الأمور لا بد من مراعاتها، يحيله على أبيه أو على عمه، أو علي أخيه، أو على قريبه أو على صهره، يخجل أن يطالبه بالمال، ولو كان مليئاً، ولذا يشترط أكثر العلماء رضا المحال، وأما المحال عليه فلا يشترط رضاه عند الجمهور، واشترطه بعضهم، على كل حال هذه الأمور لا بد من مراعاتها، والأمر كما عرفنا ((إذا أتبع أحدكم على مليء فليتبع)) أن الأصل فيه الوجوب، وعلى هذا أهل الظاهر، والجمهور على أنه للاستحباب.
الشق الثاني من الترجمة يقول المؤلف:
باب: الحوالة والضمان
الضمان تحمل الدين عن صاحبه مع بقاء ذمة الصاحب الأول مشغولة، يعني يأتي زيد ليستدين من عمرو فيطلب منه إما كفيل أو ضامن غارم، كفيل هذا الذي يحضر المدين متى ما أراد الدائن، يعني مجرد إحضار، مجرد كفالة شخص لا ضمان مال، والضمان التعهد بالوفاء إن لم يسدد المدين الأصلي.
سم.
وعن جابر -رضي الله تعالى عنه- قال: توفي رجل منا فغسلنا وحنطناه وكفناه، ثم أتينا به رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقلنا: تصلي عليه، فخطا خطىً ثم قال: ((أعليه دين؟ )) فقلنا: ديناران، فانصرف، فتحملهما أبو قتادة، فأتيناه فقال أبو قتادة: الديناران علي، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((حق الغريم، وبرئ منهما الميت؟ )) قال: نعم، فصلى عليه. رواه أحمد وأبو داود والنسائي، وصححه ابن حبان والحاكم.