"وعن أبي حميد الساعدي -رضي الله تعلى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا يحل)) " يعني لا يجوز، بل يحرم " ((لامرئ أن يأخذ عصا أخيه بغير طيب نفس منه)) رواه ابن حبان والحاكم في صحيحيهما" والحديث صحيح، وله ما يشهد له ((لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه)) ((لا يحلب أحدكم ماشية أخيه إلا بإذنه)) فلا يجوز استعمال متاع الغير إلا بعد الإذن، لكن إذا جرت العادة أن الناس يستفيدون من بعضهم من غير إذن في بعض الأشياء التي لا يتضرر أصحابها بها، مثلاً أنت وجدت كتاب في المسجد، وتعرف أنه لزميلك، فتقول: بدل ما يضيع عليّ الوقت أنا جالس انتظر فلان، أو استغل فترة ما بين الصلاتين واستفيد من هذا الكتاب بما لا يتضرر به صاحبه، وصاحبه تعرف أنه لا يكره ذلك، لك ذلك إذا دلت القرائن على ذلك، أما إذا كان يمنع، أو فيه أسرار وأمور كتبها لنفسه، بعض الناس يكتب في الكتب في أجوافها أشياء لا يريد من الناس أن يطلعوا عليها، وكم على كتب العلم من الأمور التي لا تمت إلى العلم بصلة من أصحابها، تجده مثلاً بعض الأسرار يخشى أن ينساها فيكتبها، وقد يكتب مثلاً: ولد له في يوم كذا مولود أسماه كذا، ولدت له كذا، طلق امرأته في يوم كذا طلقة رجعية وراجعها، يكتبها لئلا ينساها، فيطلق بعدها ثلاثاً، .... موجود في كتب العلم بعض هذه التصرفات، فمثل هذا الذي يكتب هذه الكتابات في كتابه لا يريد من أحد أن يطلع عليها، مثل هذا لا بد من إذنه، فمجرد ما يوجد في الكتاب تعليقات أو أشياء يترك، فالأصل أن مال المسلم يحترم، ماله حرام، لا يجوز انتهاكه إلا بإذنه ((إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا، في بلدكم هذا، في شهركم هذا)) فالأموال لها حرمتها، ولا يجوز الاعتداء عليها بحال، لا سيما إذا كانت تتضرر بالاستعمال، أما إذا كانت لا تتضرر بالاستعمال بحال من الأحوال فإن هذا يرجع إلى طيب النفس، طيب نفس الشخص، فإذا كانت تطيب نفسه باستعماله من غير إذنه، وجرت العادة على ذلك، وعرف ذلك من خلال القرائن فلا بأس وإلا فلا، وهذا أمر مجمع عليه، وجعله بعد حديث أبي هريرة: ((لا يمنع جار جاره)) ((لا يحل لامرئ أخذ عصا أخيه بغير طيب نفس