المفلس في الباب الذي ندرسه الآن، وهو مطابق لجوابهم: "من لا درهم له ولا متاع" حقيقة شرعية وإلا عرفية وإلا عرفية؟ لغوية عرفية، لكن شرعية وإلا ليست شرعية؟ شرعية أيضاً بدليل: ((من أدرك ماله بعينه عند رجل قد أفلس)) هذه حقيقة شرعية، هل نقول: إن من أدرك ماله بعينه عند رجل قد أفلس؟ من جاء بأعمال أمثال الجبال، وجاء وقد ضرب هذا، وشتم هذا، وأخذ مال هذا، هذا هو المفلس في هذا الباب؟ في قوله: ((عند رجل قد أفلس)) الآن هذا الفلس والإفلاس المذكور في هذا الحديث هل هو مطابق لجواب الصحابة أو لاستدراك النبي -عليه الصلاة والسلام- لهم؟ مطابق لجواب الصحابة، وجاء به نص شرعي، إذاً حقيقة شرعية، فالإفلاس له حقيقتان شرعيتان، منها ما ذُكر في هذا الباب، ومنها ما جاء في الحديث الصحيح، الذي يأتي بالأعمال الصالحة، إلا أنه يفرقها على من يكرهه، لا على أحبابه غالباً، فالإفلاس له حقيقتان شرعيتان، كون الرسول -عليه الصلاة والسلام- يقول لهم: لا، هل يعني هذا أنه ليس المفلس حقيقته الشرعية مثل ما ذكروه، أو أن المراد المفلس الحقيقي الذي ينبغي أن يسمى مفلساً؟ {قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [(15) سورة الزمر] هذا الخسران الحقيقي، شخص معه سيارة تستحق مائة ألف، أو اشتراها بمائة ألف وباعها بخمسين ألف، هذا خسران أو لا؟ خسران، لكن هل هذا خسران حقيقي بالنسبة لخسران الآخرة؟ قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [(15) سورة الزمر] هذا الخسران الحقيقي، والفلس الذي ذهبت أمواله بحيث لا يجد فلساً واحداً هذا مفلس، لكن الإفلاس الحقيقي الإفلاس يوم القيامة، ولذا جاء في الحديث الصحيح: ((من نفس عن مسلم كربة نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة)) ما قال: من كرب الدنيا والآخرة؛ لأن الدنيا لو كانت كلها كرب ما عدلت كربة واحدة من كرب يوم القيامة، فالإفلاس هنا حقيقي، وإذا أفلس الإنسان أو زادت ديونه على ممتلكاته صار بحاجة إلى حجر، إذا أفلس ثم اشترى واشترى واشترى من يسدد عنه؟ مثل هذا يحجر عليه، ويمنع من التصرف في ما بيده من مال،