"عن زيد بن ثابت -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رخص في العرايا أن تباع بخرصها كيلاً" والمراد ثمر العرايا، والمراد بالعرايا أحد أمرين: إما أن يحتاج الفقير إلى تمر يأكله رطباً مع الناس، وليس عنده ما يشتري به، وعنده ما يبقى من تمر العام الماضي جافاً فأبيح له أن يشتري بالتمر الجاف بخرصه مما على رؤوس النخل؛ ليأكل مع الناس تمراً رطباً، هذا يلاحظ فيه حاجة المحتاج الفقير، تفسر الثاني للعرايا، وقال به جمع من أهل العلم: أن الناس جرت عادتهم بمنح بعض الناس نخلات يأكلون ثمارها مع الناس من باب الإحسان إليهم، يأتي إلى جاره أو إلى قريبه الفقير ويقول: لك هذه الخمس النخلات تخرف منها كل يوم بيومه، وتأكل مع الناس من التمر الرطب، ثم عاد هذا المعرى الموهوب المتصدق عليه المحسن عليه يسيء يتحين فرصة وجود هذا الشخص المحسن مع أسرته في أول النهار أو في أخره، أو في أثنائه في وقت توافرهم في هذا المكان فيطرق الباب ليأخذ من التمر، ومن الغد يا فلان نبي ندخل نأخذ التمر، فيتضرر هذا المحسن هو وعائلته يفرقهم، ويضيق عليهم بتردده، وحينئذٍ يقول له: خذ من هذا التمر اليابس بقدره، وفكنا، وهذا فيه نظر إلى مصلحة الغني الذي هو صاحب التمر الأصلي المحسن، سواء كانت على هذا التفسير أو على التفسير الأول هي على خلاف الأصل؛ لأن الرطب لا يباع بالجاف، الأمر الثاني: أن الخرص لا يكفي في بيع الربوي بجنسه؛ لأنه لا بد من تحقق التماثل.