"وعن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا تصروا الإبل والغنم)) " الإبل والغنم، وفي حكمها البقر، والمراد بالتصرية ربط أخلاف الناقة، يعني ربط ثدي الناقة لئلا تحلب فيجتمع فيها اللبن، ولو اجتمع من غير ربط كان له نفس الحكم، المقصود أنه ترك اللبن في ضرع الناقة والبقرة والشاة حتى يجتمع فيراه المشتري كثيراً، فيظن أن هذه عادتها، أنها ذات لبن كثير، فيقدم عليها، فنهي عن ذلك.
((فمن ابتاعها)) من اشتراها وقد اغتر بما في ضرعها من اللبن الكثير ((فهو بخير النظرين)) له الخيار من إمضاء البيع أو ردها، ((فهو بخير النظرين بعد أن يحلبَها)) بعض الروايات: ((يحلبُها)) و (أن) ناصبة للفعل المضارع، وقد يلغى عملها.
أن تقرآن على أسماء ويحكما ... . . . . . . . . .
المقصود أن الأصل فيها النصب، وجاء في بعض الروايات الصحيحة بالرفع، وهذا إلغاء لها، لعملها، وقد جاء فيه الشعر.
إن شاء بعد النظرين أن يحلبها، ((إن شاء أمسكها)) إذا قبلها وعرف وأقدم على الشراء مع علمه بهذا الغرر الأمر لا يعدوه، أحياناً تكون السلعة في نظر المشتري رخيصة جداً، ولو تبين فيها عيب أيضاً تبقى رخيصة فله أن يمسكها، اشتريت كتاب مثلاً يباع بألف قيمته ألف فوجدته بثمانمائة رخيص، لما رجعت إلى البيت وجدت فيه سوس خفيف هذا عيب، لكن إن شئت أن تعيده باعتبارك ما وقعت ولا رأيت هذا العيب، وإن شئت أن تمسك؛ لأنه أيضاً رخيص بهذه القيمة، فلك ذلك، الأمر لا يعدوك، يقول: ((إن شاء امسكها، وإن شاء ردها)) لأن خيار العيب ثابت في الشرع، وهذا عيب، وهذا يثبت به خيار التدليس، هذا تدليس، وهو إظهار السلعة بمظهر غير مظهرها الحقيقي.