بلوغ المرام - كتاب البيوع (6)
تابع: باب: شروطه وما نهي عنه منه
الشيخ: عبد الكريم الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مسألة بيع الحاضر للبادي التي جاء النهي الصحيح الصريح عنها، والتي قد تستشكل فيما يتعامل به ويتداوله الناس، وهذه الموسوعة الفقهية تكلموا عن المسألة، أحضره بعض الإخوان مصوراً، وفيه المذاهب منقولة من كتب أربابها، والحاضر: لا شك أنه من يسكن المدن، والبادي: من يسكن البادية، ويقول: غير أن الحنابلة اعتبروا البدوي شاملاً للمقيم في البادية، ولكل من يدخل البلدة من غير أهلها، سواءً كان بدوياً أو من قرية أو بلدة أخرى، الجامع بين هؤلاء الجهل بثمن السلعة.
يقول: والمراد ببيع الحاضر للبادي عند الجمهور أن يتولى الحضري بيع السلعة للبدوي، بأن يصير الحاضر سمساراً للبادي البائع، يقول: قال الحلواني: هو أن يمنع السمسار الحاضر القروي من البيع، ويقول له: لا تبع أنت أنا أعلم بذلك، فيتوكل له ويبع ويغالي، ولو تركه يبيع لنفسه لرخص على الناس، فالبيع على هذا هو من الحاضر للحاضر نيابة عن البادي بثمن أغلى.
وذهب بعض الحنفية كصاحب الهداية إلى أن المراد بالحديث أن يبيع الحضري سلعته من البدوي؛ وذلك طمعاً في الثمن الغالي فهو منهي عنه، لما فيه من الإضرار بأهل البلد، وعلى هذا التفسير تكون اللام في: ((ولا يبع حاضر لباد)) بمعنى (من).
ذكروا عن أبي يوسف: لو أن أعراباً قدموا الكوفة، وأرادوا أن يمتاروا –يتز ودوا- من الطعام منها، ألا ترى أن أهل البلدة يمنعون عن الشراء للحكرة فهذا أولى.
يعني أهل البلدة يمنعون عن الاحتكار ويلزمون ببذل هذه الأموال لمشتريها، وسيأتي ما في الاحتكار.
فإذا كان الحضري يمنع من الاحتكار، يترك البدوي والوافد على البلد يبيع بالسعر الذي يريده هو، وإن كان نازلاً، نعم ليكتسب من في البلد، فإذا أمر صاحب البلد بعدم الاحتكار، وحرم عليه الاحتكار، ومنع السلع -على ما سيأتي- أيضاً يترك له فرصة ليستفيد ويكسب.
النهي عن هذا البيع: يقول: لا يختلف الفقهاء في منع هذا البيع، فقد ورد النهي عنه في أحاديث كثيرة منها: وذكر حديث أبي هريرة، وحديث ابن عباس، وحديث أنس.