هنا حديث فاطمة، أو حديث عائشة في قصة فاطمة بنت أبي حبيش في الاستحاضة، أورده المصنف ليستدل به على أن خروج الدم -دم الاستحاضة- ناقض للوضوء، وأن الخارج من البدن الذي ينقض الوضوء ليس بخاص في البول والغائط أو الريح، بل مما ينقض الوضوء أيضاً دم الاستحاضة، ولذا جاء في برواية البخاري "وللبخاري: ((ثم توضئي لكل صلاة)) ((ثم توضئي لكل صلاة)) " القدر الأول متفق عليه، والإمام البخاري انفرد بقوله: ((ثم توضئي لكل صلاة)) وأما مسلم فأشار إلى أنه حذف هذه الجملة عمداً، قال: "وفي حديث حماد بن زيد زيادة حرف تركنا ذكره" يعني تعمد حذف هذه الزيادة، وكأنها لم تثبت عنده، لكنها ثابتة عند من هو أشد تحرياً منه وهو البخاري -رحمه الله تعالى-.
((ثم توضئي لكل صلاة)) وهذا هو الشاهد من الحديث، الأمر بالوضوء، أمر المستحاضة بالوضوء، فدل على أن خروج دم الاستحاضة ناقض، ناقض للوضوء، ومن باب أولى خروج دم الحيض الموجب للغسل.
"جاءت فاطمة بنت أبي حبيش إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- فقالت: يا رسول الله إني امرأة أستحاض فلا أطهر" يطول معها خروج الدم، وهو الاستحاضة كما سيأتي غير الحيض، هذا دم يخرج من أدنى الرحم، وذاك دم يخرج من قعر الرحم، فبينهما فروق يأتي بيانها -إن شاء الله تعالى- في باب الحيض.
"فلا أطهر، أفأدع الصلاة? قال: ((لا)) " يعني لا تدعي الصلاة؛ لأن هذا لا يمنع من وجوب بالصلاة بخلاف الحيض، الحائض لا يجوز لها أن تصلي، ولو صلت لم تصح ((إنما ذلك عرق)) عرق نزيف، يسمونه نزيف، إنما ذلك عرق ((وليس بحيض)) ليس بحيض يمنع من الصلاة، وإنما هو مجرد عرق يخرج منه الدم الذي يختلف عن دم الحيض على ما سيأتي ((فإذا أقبلت حيضتك فدعي الصلاة, وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم, ثم صلي)) هذه المستحاضة "إذا أقبلت حيضتك" دل على أنها تعرف حيضها، وتميز بين دم الحيض ودم الاستحاضة إما باللون والرائحة أو بالعادة في الوقت بداية ونهاية على ما سيأتي تقريره -إن شاء الله تعالى- في باب الحيض.