هناك قول لبعض أهل العلم ممن يرى أن النوم ليس بناقض وإنما هو مظنة للنقض، وإنما هو مظنة للنقض، ليس بناقض بنفسه، فإذا جزم الإنسان أنه لم يخرج منه شيء فإنه يصلي ولا يتوضأ، إذا وكل شخصاً يرقبه، وهذا الشخص يلاحظه ملاحظة دقيقة منذ أن نام إلى أن استيقظ لم يسمع منه صوت ولم يشم منه ريح فإنه حينئذٍ لا ينقض، لماذا؟ لأن النوم مظنة، أما من لم يكن بهذه الصفة بأن نام فالمظنة توجد غلبة ظن، توجد فيها غلبة ظن أنه انتقض وضوؤه، باستثناء ما تقدم؛ لأنه إذا نام متمكناً ممكناً مقعدته من الأرض فإن الذي يغلب على الظن أنه لم يخرج منه شيء، لا سيما إذا كان جالساً غير معتمداً على شيء فيكون حينئذ نومه خفيف بحيث لو دار حوله أدنى شيء حس به.
وهناك قول وهو الخامس: أنه إذا نام على هيئة من هيئات الصلاة، نام على هيئة سواءً كان راكع أو ساجد أو قائم أو قاعد فإنه لا ينقض الوضوء، بخلاف ما إذا نام على هيئة تخالف هيئات الصلاة فإنه حينئذٍ ينتقض وضوؤه، ومنهم من يخص ذلك بالراكع والساجد فقط، وعلى كل حال الأقوال في المسألة ثمانية، لكن المرجح أن النوم ناقض، جنس النوم ناقض، يستثنى من ذلك الشيء اليسير؛ لأن الإنسان إذا نام غلب على الظن أنه انتقض وضوؤه بما ينقض إجماعاً من ريح أو صوت.
هذا أقرب الأقوال أنه الخفيف يعفى عنه من المتمكن وإلا فالأصل أن النوم كما في حديث صفوان بن عسال ناقض للوضوء، وإذا قلنا: إن النوم ناقض للوضوء فمن باب أولى ما هو أشد من النوم، النائم يرتفع عقله، ولا يدري بما يصدر عنه، فمن باب أولى من جن أو سكر أو أغمي عليه، فإنه حينئذٍ ينتقض وضوؤه بجامع زوال العقل مع النوم، فإذا كان النوم وهو بحيث إذا أُيقظ استيقظ فالذي لا يمكن إيقاظه من باب أولى كالمجنون والمغمى عليه.
الحديث الثاني:
"عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "جاءت فاطمة بنت أبي حبيش إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- فقالت: يا رسول الله إني امرأة أستحاض فلا أطهر, أفأدع الصلاة? قال: ((لا، إنما ذلكِ عرق وليس بحيض, فإذا أقبلت حيضتك فدعي الصلاة, وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم, ثم صلي)) متفق عليه".