ورفاعة بن رافع الذي عزا المؤلف الحديث له، وفهم الشارح أنه أنصاري زرقي شهد بدراً، هكذا فهم الشارح؛ لأنه لا يوجد رفاعة بن رافع صحابي إلا هذا، لكن في المصادر الأصلية: عن عباية بن رفاعة بن رافع عن أبيه عن جده، فيكون عباية بن رفاعة بن رافع بن خديج، والحديث معروف عن رافع بن خديج، فيكون المؤلف قصر به، والأصل أن يقول: عن رفاعة بن رافع عن أبيه رافع بن خديج؛ لأن الحديث من مسنده، وعلى كل حال الخلاف في صحابي سواء كان هذا أو ذاك ولا يضر مثل هذا الاختلاف، يعني إذا لم نستطع أن نعين رفاعة بن رافع، يعني إذا قصرنا به إلى هذا الحد يتعين أن يكون الأنصاري الزرقي؛ لأنه صحابي، وأما رفاعة بن رافع بن خديج فتابعي، يروي عن أبيه، وإذا قيل: عن رفاعة بن رافع عن أبيه فالمقصود به رافع بن خديج، وهو هكذا في أكثر المصادر، كما أشار إلى ذلك الحافظ في التلخيص وغيره. "أن البني -صلى الله عليه وسلم- سئل أي الكسب أطيب؟ " السائل وغير السائل يعرفون أن الكسب لا بد منه، وعندنا كسب واكتساب، فإذا كان الكسب لا بد منه فيُسأل عن أطيب أنواعه، الكسب لا بد منه؛ لتتم عمارة الأرض، ويبقى النوع، لكن هذه المكاسب متفاوتة، منها الفاضل، ومنها المفضول، ومنها الطيب، ومنها الأقل، والسؤال عن المكاسب الطيبة، أي الكسب أطيب؟ لأن هنا أفعل تفضيل، فالمراد السؤال عن المكاسب الطيبة، لكن يراد أطيب هذه المكاسب الطيبة، والفرق بين الكسب والاكتساب أن الكسب في ما ينفع الإنسان، والاكتساب فيما يضره، ولذا جاء في قوله -جل وعلا-: {لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ} [(286) سورة البقرة] أي الكسب أطيب؟ قال -عليه الصلاة والسلام- مجيباً عن السؤال: ((عمل الرجل بيده، وكل بيع مبرور)) "عمل الرجل" التصريح بالرجل قيد مؤثر أو لا تأثير له فالمرأة مثله؟ نعم؟ يعني التنصيص على الرجل لا شك أن له دلالة، وهو أن الأصل في الأعمال الرجال، لكن إن احتاجت المرأة إلى الكسب في حدود ما يبيحه الشرع لها دخلت في الحديث، الأصل أن الكسب من أعمال الرجال، والعمل من مهام الرجال، وإن احتاجت المرأة لعدم وجود من يمونها تعمل، وإذا عملت في حدود ما يباح لها من أعمال، وأمنت منها