الأمر الثاني: أن الإنسان قد يبيع ويشتري سنين قبل أن يتزوج، وقبل أن يحتاج إلى الزواج، فقدم من هذه الحيثية، ثم بعد ذلك إذا عرف أحكام العبادات وكيف يتعامل مع الله -جل وعلا- من خلال هذه العبادات، ثم عرف كيف يبيع ويشتري، ويبرم العقود، ثم عرف أحكام النكاح، يلي ذلك الحدود والجنايات والأطعمة والقضاء، وما أشبه ذلك، فعندهم الفقه أربعة أرباع: العبادات، المعاملات، الأنكحة، الجنايات، ويختلفون في بعض الأبواب هل تدخل في العبادات أو تدخل في غيره من الأبواب؟ كالجهاد مثلاً منهم من يدخله في العبادات، ومنهم من يجعله في أواخر الكتب، ومنهم .. ، على كل حال كل له وجه، وقد اجتهدوا، فلهم من الله -جل وعلا- فيما نرجوه جزيل الأجر والثواب.
البيوع، الكتاب مر بنا مراراً، وعرفناه تكراراً، والبيوع جمع بيع، والبيع مصدر باع يبيع بيعاً، ويطبق الفقهاء وغيرهم على أنه مأخوذ من الباع؛ لأن كل واحد من المتبايعين يمد باعه ليأخذ، هذا يأخذ السلعة، وهذا يأخذ الثمن، مأخوذ من الباع، وهذا لا شك أنه إن كان أخذه على سبيل الاشتقاق ففيه نظر، لماذا؟ لأن البيع مصدر والمصدر أصل يشتق منه ولا يشتق من غيره.
. . . . . . . . . ... وكونه أصلاً لهذين انتخب
يعني رجح كون المصدر هو الأصل للفعل ولسائر مشتقاته.