((ووقفت هاهنا)): يعني بمزدلفة، ((وجمع)): وهو اسم لها؛ لأنه يجتمع فيه الناس، ((كلها موقف)): جمع يجتمع فيه الناس، الحمس وقريش وغيرهم كلهم يجتمعون بمزدلفة، لكن عرفة الحمس لا يخرجون إلى عرفة.
المقصود أن مزدلفة كلها موقف من أولها إلى آخرها هي داخل الحدود، والوقوف بعرفة ركن من أركان الحج لا يصح إلا به، والحج عرفة كما جاء في الحديث، وأما الوقوف بمزدلفة والمبيت بها فهو واجب من واجبات الحج، ولذا رخص النبي -عليه الصلاة والسلام- للسقاة والرعاة، لمَّا استأذنوه رخص لهم، ولو لم يكن واجباً لما احتاجوا إلى الإذن، ولو كان ركناً -كما يقول بعض أهل العلم- لما رخص لهم؛ لأن الركن جانب الشيء الأقوى الذي لا يتم إلا به، لا يمكن أن يرخص لشخص عن الوقوف بعرفة، فدل على أن المبيت بمزدلفة واجب من واجبات الحج، وليس بركن، وليمس بمستخب كما يقول بعضهم.
وعن عائشة -رضي الله عنها- أن النبي صلى الله عليه وسلم لما جاء إلى مكة دخلها من أعلاها وخرج من أسفلها. [متفق عليه].
يقول -رحمه الله تعالى-:
وعن عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -عليه الصلاة والسلام- لما جاء إلى مكة: عام الفتح، دخلها من أعلاها: من ثنية يقال لها كداء -بالفتح والمد- من أعلاها، وخرج من أسفلها: من كُدى -بالضم والقصر- هناك محل ثالث يقال له تصغير كُدَيْ.
المقصود أن الدخول إلى مكة من أعلاها والخروج من أسفلها، هذا ما فعله النبي -عليه الصلاة والسلام- وهل هذا الأمر مقصود شرعاً فيستحب أو ليس بمقصود؛ لأنه هو طريقه وهو الأيسر له -عليه الصلاة والسلام-؟
الدخول من الأعلى يتطلب النزول إليها وهذا سهل، بينما الخروج من أسفلها أيسر، لو صار العكس لو دخل من الأسفل وخرج من الأعلى لتطلب ما يشق عليه، ويجور عن طريقه، فمن رأى إلى هذه المسألة من هذه الحيثية قال هذا حصل اتفاقاً، فالحاج يفعل الأرفق به، ومنهم من يقول أن الدخول من أعلاها يقتضي أن يدخل إلى البيت مستقبلاً البيت، وبعضهم يستحب هذا، ويقول الحنابلة وغيرهم يستحب دخول مكة من أعلاها، والمسجد من باب بني شيبة، يعني كما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام-، ومنهم من يقول يفعل الأرفق ولا يترتب عليه شيء.