وصلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في المسجد: ووقع إحرامه بعد صلاة، ولذا يستحب العلماء أن يكون الإحرام بعد صلاة، إن كانت فريضة فبها ونعمت، وإلا صلى ركعتين نافلة، ومنهم من يرى أن الإحرام ليس قبله صلاة، وإنما وقع هذا اتفاقاً من النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى الظهر ثم أحرم، لكن مقتضى حديث صل في هذا الواد المبارك وقل، مقتضاه أن الإحرام يكون بعد صلاة؛ للربط بين الأمر بالصلاة والأمر بالإحرام، وهذه حجة من يقول: هناك سنة للإحرام، إن لم يكن هناك فريضة تغني عنها، وله وجه.
وصلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في المسجد، ثم ركب القصواء حتى إذا استوت به على البيداء أهل بالتوحيد: وعرفنا في حديث ابن عباس السابق أنه بعد أن صلى في المسجد أحرم أهل، ثم لما استقلت به دابته أهل، ثم لما استوت به على البيداء أهل بالتوحيد، وكل ذكر ما سمع.
أهل بالتوحيد: ((لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك)): أهل بالتوحيد، بتوحيد الله -جل وعلا- خلافاً لما كان عليه الناس في الجاهلية من الشرك بالله تعالى، لبيك لا شريك لك إلا شريكاًَ هو لك، تملكه وما ملك، هذا الشرك بعينه، ولذا جاءت تلبيته -عليه الصلاة والسلام- بالتوحيد: ((لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك)): إن وأن روايتان، وهي جملة تعليلية, لا شريك لك. حتى إذا أتينا البيت استلم الركن: المراد به الحجر الذي في الركن، استلم الركن، ثم شرع في الطواف استلام الركن سنة، يحرص عليها الحاج والمعتمر؛ اقتداء به -عليه الصلاة والسلام- إن لم يتيسر له الاستلام بيده استلمه بما في يده من عصا ونحوه، وإن لم يتيسر أشار إليه.