والشارح بتأثير من البيئة التي عاش فيها لمز عمر في هذا، قال: "وأما صلاة التراويح فقد ابتدعها عمر" وفي موضع آخر قال: "والبدعة قبيحة ولو كانت من عمر"، هذا الكلام في غاية السوء في حق أمير المؤمنين الخليفة الراشد عمر بن الخطاب، تأثير البيئة يعني ما تجد في الكتاب من أوله إلى آخره معاوية -رضي الله عنه- مؤلف محسوب على أهل السنة؛ لكن يبقى أن البيئة أثرت، وتأثير قبيح ما هو تقدير بعد، نعم ليس معدود من الشيعة ولا من الزيدية؛ لكن يبقى أن مثل هذا التأثر قبيح من رجل يهتم بسنة النبي -عليه الصلاة والسلام-، ويأتي في ثنايا كلامه مثل هذا؛ لكن من كثر ما يسمع لا بد أن يتأثر الإنسان بشر يتأثر.
يقول: "وأما التراويح على ما أعتيد الآن فقد ابتدعها عمر"، ننظر في الأمر هو بالفعل بدعة أو ليس ببدعة؟ عمر -رضي الله عنه- نفسه في صحيح البخاري قال: "نعمت البدعة" لما خرج والناس يصلون بصلاة إمامهم، قال: "نعمت البدعة" عمر نفسه قال: "نعمت البدعة" لكن هل هي بدعة لغوية أو بدعة شرعية؟ لا لغوية ولا شرعية؛ لأن البدعة اللغوية ما أحدث على غير مثال سابق، تراويح لها مثال سابق من فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- صلاها ومن الصحابة جماعة، فلها مثال سابق، وليست ببدعة شرعية؛ لأنه سبق لها شرعية من السنة، يعني كون النبي -عليه الصلاة والسلام- تركه لا عدولاً عنها، وإنما تركها خشية أن تفرض مع بقاء الحكم، فليست ببدعة شرعية ولا لغوية.
شيخ الإسلام يرى أنها بدعة لغوية؛ لكن لها مثال سابق، فكيف نقول: أنها بدعة لغوية، الشاطبي يقول: مجاز، ويشكل كلامه عند من ينفي المجاز مطلقاً، هناك في علم البديع شيء يقال له: المشاكلة والمجانسة، في التعبير يعني كأن قائلاً قال: ابتدعت يا عمر، قال: "نعمت البدعة" يعني إذا كانت هذه بدعة فنعمت البدعة، فليست ببدعة لا لغوية ولا شرعية، أسلوب المجانسة والمشاكلة موجود في اللغة وفي النصوص.
قالوا: اقترح شيئاً نجد لك طبخه ... قلت: اطبخوا لي جبة وقميصا
مشاكلة في النصوص، {وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا} [(40) سورة الشورى] الجناية سيئة ولكن معاقبة الجاني ليست بسيئة، وهذا كثير في النصوص، أسلوب المشاكلة.