ولا شك أن القيام من النوم لا سيما مع ما ابتلي به كثير من الناس من سهر وانشغال بما لا يعني فإذا انشغل الإنسان بما لا يعنيه لا يوفق لمثل هذه الأعمال، فعلى الإنسان أن ينجم على نفسه، ويحفظ أعماله، ولا يتكلم فيما لا يعنيه، وحينئذ يعان، وعليه أن يجاهد، أول الأمر لا بد من جهاد، ثم بعد ذلك يتلذذ كما فعل السلف، ((من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه)) ومثل ما ذكرنا الذنب مفرد مضاف فيعم، ومقتضى الحديث أنه يعم الصغائر والكبائر؛ لكن عامة أهل العلم على أن الكبائر لا تكفر إلا بالتوبة.
وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: ((كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا دخل العشر -أي العشر الأخيرة- من رمضان شد مئزره وأحيا ليله وأيقظ أهل)) متفق عليه.
وعنها -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله -عز وجل- ثم اعتكف أزواجه من بعده)) [متفق عليه].
وعنها -رضي الله عنها قالت: كان النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا أراد أن يعتكف صلى الفجر ثم دخل معتكفه)) [متفق عليه].
وعنها -رضي الله عنها- قالت: ((إن كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليدخل علي رأسه وهو في المسجد فأرجله، وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة إذا كان معتكفاً)) [متفق عليه، واللفظ للبخاري].
وعنها قالت: ((السنة على المعتكف ألا يعود مريضاً، ولا يشهد جنازة، ولا يمس امرأة ولا يباشرها، ولا يخرج لحاجة إلا لما لا بد له منه، ولا اعتكاف إلا بصوم، ولا اعتكاف إلا في مسجد جامع)) [رواه أبو داود] ولا بأس برجاله إلا أن الراجح وقف آخره.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى- هنا بالنسبة لقيام رمضان الذي سبق الحديث الماضي، يقول أهل العلم: أن من قام في صلاة التراويح سواءً كان مع إمامه أو منفرداً صح عنه أنه قام رمضان، وجمْع الناس على إمام واحد في رمضان فعله النبي -عليه الصلاة والسلام- ليلتين أو ثلاث، ثم تركه خشية أن يفرض القيام على هذه الصورة فيعجز عنه الناس، تركه واستمر الأمر في حياة النبي -عليه الصلاة والسلام-، ثم في عصر أبي بكر، ثم بعد ذلك جمع الناس عمر -رضي الله عنه- على أبي، فصاروا يصلون بصلاة إمامهم.