يقول المؤلف -رحمه الله تعالى- وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن صوم يوم عرفة بعرفة، تقدم الحث على صيام يوم عرفة، وأنه يكفر السنة الماضية والسنة الباقية يكفر سنتين، فلقائل أن يقول: ما دام يكفر سنتين، ويوم عرفة وهو بعرفة في الموقف العظيم، وهناك منح إلهية تتنزل على عباده أهل الموقف في هذا اليوم عشية عرفة، لماذا لا يصوم ليكون أدعى لإجابة دعوته؟ نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بصوم يوم عرفة بعرفة؛ لكنه ضعيف، وعلى كل حال في إسناده مهدي الهجري، وهو ضعيف.
ثبت أن النبي -عليه الصلاة والسلام- شرب، دعا بإناء فشرب، وهو على دابته والناس ينظرون، أفطر، والناس ينظرون، فهل فطره وعدم صيامه في هذا اليوم يقاوم الحث على صيام يوم عرفة، أو نقول: مثلما أفطر في السفر للمشقة يفطر يوم عرفة خشية المشقة؛ لكي يتفرغ الناس وينشطوا للدعاء والذكر في هذا اليوم العظيم؟
الحديث الذي عندنا ضعيف، الحديث الذي معنا نهى عن صيام يوم عرفة بعرفة ضعيف، وثبت أنه -عليه الصلاة والسلام- أفطر، فهل نكتفي بفعله لنفطر في يوم عرفة أو نقول: هو مثل في صيامه في سفر، أفطر في السفر، صام ثم أفطر لما بلغ الكديد، ولا أحد يمنع من الصيام في السفر، نعم لو ثبت النهي ما في إشكال ولذا ثبت عن ابن عمر وجمع من الصحابة أنهم كانوا يصومون يوم عرفة في عرفة، وأهل العلم يقولون: لا يصام يوم عرفة بعرفة ليتقوى على الذكر، إذا كانت المسألة هذه العلة فبعض الناس يقول: أنا أنشط إذا ما أفطر، أستمر صائم أنشط، إذا كانت هذه العلة يزول الحكم بزوالها؛ لكن يبقى أن النبي -عليه الصلاة والسلام- أفطر وهو الأسوة وهو القدوة، وبعض أهل العلم يؤثم من يصوم يوم عرفة بعرفة، ولعله استناداً لهذا الحديث، مع فطره -عليه الصلاة والسلام-، ولا شك أن فعله هو الأكمل، وما اختاره الله لنبيه هو الأفضل، فلا ينبغي صيامه، أما الاستناد على هذا الحديث فالحديث ضعيف، والشيخ ابن باز نص في مواضع من فتاويه أن الذي يصوم يوم عرفة بعرفة آثم.