أن هذا من أدب السلف، ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- أراد أن يسأل عمر عن المرأتين التي تظاهرتا عن النبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: مكثت سنة، يتحيّن فرصة فحجّ عمر فحجّ معه ابن عباس، وفي أثناء الحج مال عمر عن الطريق فمال معه ابن عباس، وحمل معه الإداوة، وصب عليه الماء فوجد الفرصة مناسبة، فلا بد من مثل هذا الأدب مع الكبار، وليس معنى هذا أن يضيع الحق، ويميع الحق بهذا العذر، لا، البيان لا بد منه؛ لكن نسلك الأساليب المناسبة ليكون الحق مقبولاً، فتحدث معه ساعة، ثم أخبره وصل الحديث إلى هذه المسألة، كنت عند مروان فأرسلني إلى أمهات المؤمنين، وكذا، وأقسم علي أن أذهب إلى أبي هريرة، ولولا قسمه لما جئت، يعني ما هو أنت مثلك الذي يستدرك عليه، فقال أبو هريرة: لم أسمعه من النبي -صلى الله عليه وسلم-، وإنما أخبرني به مخبر، وهو الفضل بن عباس.
ومنهم من يثبته نص عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أن من أصبح جنباً فلا صيام له؛ لكنه منسوخ بهذا، على كل حال وجد الخلاف القديم من أبي هريرة، ومن يقول بقوله، ثم ارتفع الخلاف، فأجمع أهل العلم على أن من أصبح جنباً سواء كان من جماع كما هنا أو من احتلام، ونفي الاحتلام في النص من جماعٍ من غير احتلام إنما هو تصريح بما هو مجرد توضيح؛ لأن قوله من جماع يعني أنه من غير احتلام، وأيضاً الاحتلام الجمهور على أنه لا يحدث من الأنبياء؛ لأنه من تلاعب الشيطان، ومنهم من أثبته لهذا النص؛ لأنه لو لم يكن حاصل ما احتجنا إلى نفيه، والجمهور على أنه لا يحصل من الأنبياء؛ لأنه من تلاعب الشيطان، من أصبح جنب والسبب كان قبل طلوع الصبح لا بد من هذا، السبب الموجب للغسل قبل طلوع الصبح، يعني جامع قبل طلوع الصبح؛ لكنه لم يغتسل إلا بعد طلوع الصبح.