وأقول: ممن يعتمد قواعد المتأخرين، وإن لم يكن عاد مقلد مائة بالمائة الألباني -رحمه الله تعالى-، ولذا تجدونه يصحح أحاديث هي عند المتقدمين فيها خلاف طويل؛ لأنه اعتمد قاعدة زيادة الثقة، ويعتمد ((اللهم اجعلني من التوابين، واجعلني من المتطهرين)) ويعتمد ((إنك لا تخلف الميعاد)) وهكذا، والشيخ عبد العزيز -رحمه الله- عند شيء من ذلك، والذي يدعي الاجتهاد في كل شيء هذه دعوى عريضة، الذي يريد أن ينبذ التقليد بجميع صوره وأشكاله نقول له: على رسلك، لا يمكن؛ لأنه إن لم يقلد في الأحكام على الأحاديث قلد في الأحكام على الرجال، إن لم يقلد في الاستنباط، في استنباط الأحكام، يعني مثل الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- لا يقلد في استنباط الأحكام، لكنه يقلد في الأصل، في الحكم على الأحاديث، وإن لم يقلد في الحكم على الأحاديث وتوصل إلى الحكم بنفسه لا بد أن يقلد في الرواة، وإذا قال: لا، أنا لا أقلد في الرواة، أنا أنظر بين أقوال الأئمة كلهم، أجمع عشرين قول في الراوي ثلاثين قول وأوازن بينها، وأخرج بالقول الراجح متى تنتهي؟ إذا كان الرواة ألوف مؤلفة، وتحتاج في كل راوي إلى هذه العملية، والأحاديث كذلك، كل حديث يحتاج إلى مثل هذه العملية، ثم كل حديث يحتاج إلى مفهوم ومنطوق، ويا الله من القواعد المعروفة عند أهل العلم، متى تصل إلى حد الاجتهاد؟ لن تصل، فنقول: على رسلك، والعلم يؤخذ بالتدريج، نعم إذا تأهلت لشيء لا يسوغ لك أن تقلد أحد.