وجاء في حديث سعد لما مرض ((إنك إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس)) فيبقي الإنسان لنفسه ولمن يعول، هذا الحكم العام لكن إذا كان الإنسان لديه قدرة وتحمل وصبر واحتساب على ما إذا أخرج جميع ماله وليس له عيال، أو له عيال يضمنهم كذلك، أو له مهنة وتجارة يستطيع أن يتقوت منها هو ومن يمون، فقد فعل ذلك الصديق الأكبر -رضي الله عنه وأرضاه-، ومدح بهذا؛ لكن من كانت منزلته دون ذلك، فالأفضل له ألا يتصدق بجميع ماله.

((وخير الصدقة ما كان على ظهر غنى، ومن يستعفف يعفه الله)) يعني يتخلق بالعفة، يتحلم يرزق الحلم، يتصبر يرزق الصبر، يتعلم يرزق العلم، وهكذا يتعبد إلى آخره، وهنا من يستعفف يطلب العفة يعفه الله -جل وعلا-، يعينه على نفسه، ((ومن يستغني يغنه الله)) ومن يستغني عما في أيدي الناس يغنه الله، يستغني عما في أيدي الناس ثقة بالله -جل وعلا- يغنيه الله؛ ولكن من سأل الناس وامتهن السؤال يأتي ذمه، ولا يزداد بذلك إلا حاجة وفاقة، على ما سيأتي.

قال -رحمه الله-: وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قيل: يا رسول الله أي الصدقة أفضل؟ قال: ((جهد المقل، وابدأ بمن تعول)) أخرجه أحمد وأبو داود، وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم.

نعم هذا الحديث صحيح، وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قيل: يا رسول الله أي الصدقة أفضل؟ قال: ((جهد المقل، وابدأ بمن تعول))

جهد المقل، وهناك في الحديث الذي قبله ((ما كان عن ظهر غنى)) جهد المقل الذي لا يجد إلا القليل، يتصدق بشيء منه، وذاك عن ظهر غنى بحيث يبقى لنفسه ويبقى لمن تحت يده، وكل في موضعه، المقل يمدح إذا تصدق، الغني يمدح إذا تصدق، وينزل الناس منازلهم، رجل غني سأل أي الصدقة أفضل؟ نقول: ما كان عن ظهر غنى، ورجل فقير سأل أي الصدقة أفضل؟ قال: ((جهد المقل)) ليفتح الباب أمام الجميع للصدقة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015