اليد العليا جاء تفسيرها في المرفوع بأنها المنفقة، والسفلى الآخذة، العليا هي المعطية المنفقة، والسفلى هي السائلة الآخذة، هذا التفسير مرفوع إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- وهو الواقع، وصورناه فيما مضى بأنه لا يتصور أن تكون الآخذة عليا من حيث الواقع يعني ما يمكن أن يقول: خذ ثم يأتي بيده ويأخذ ممكن لكن المتصوفة بعض المتصوفة الذين استمروا الكسل والخمول والذل والدناءة كسلاً منهم، أولوا الحديث على أن اليد العليا هي الآخذة واليد السفلى هي المعطية، كيف؟ يقولون الآخذة نائبة عن الله -جل وعلا- {إِن تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا} [(17) سورة التغابن] الفقير نائب عن الله -جل وعلا-، ولا يتصور الإقراض إلا على يد هذا الفقير، فباعتبارها نائبة عن الله -جل وعلا- فهي الآخذة، لكن إذا كان محمد -عليه الصلاة والسلام- وآله يتنزهون عنه لأنها أوساخ الناس فكيف تكون أو كيف يكون من يأخذها هو الأعلى، واليد التي تأخذها هي العليا؟ لا شك أن هذا كما قال ابن قتيبة: "ما أرى هؤلاء إلا قوماً استطابوا السؤال فهم يحتجون للدناءة، يحتجون للدناءة.
يقول: ((وابدأ بمن تعول)) لا شك أن الإنسان مطالب بالنفقات الواجبة وما أوجب الله عليه أولى من أن تنفق الأموال على غيرهم، اللهم إلا في حال الإيثار مع العلم بالصبر والجزم به بالنسبة لنفسه ولمن يعول، فالإيثار محمود في الشرع، وجاء مدح الأنصار به {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} [(9) سورة الحشر] يعني حاجة شديدة، والصحابي الذي آثر ضيفه وترك أولاده، صنيعه لا يخالف هذه مع العلم بالقدرة على الصبر والاحتساب، ولا يكون هذا أيضاً ديدن لأنه فعله أحياناً ويكون الأصل الإنفاق على من أوجب الله النفقة عليه ((وابدأ بمن تعول، وخير الصدقة ما كان عن ظهر غنى)) يعني ما يبقى بعد إخراجها صاحبها يبقي شيئاً يستغني به عن الناس بحيث لا يكون عالة يتكفف الناس لا هو ولا من تحت يده.