عن أنس -رضي الله عنه- أن أبا بكر الصديق -رضي الله تعالى عنه- كتب له، الكتابة له والمكاتبة طريق معتبر من طرق التحمل، روى بها الصحابة فمن دونهم، وما زال الأئمة يتداولونها فيما بينهم، فالصحابي يكتب للتابعي، الصحابي يكتب للصحابي كما هنا وللتابعي، والتابعي لمن دونه إلى شيوخ الأئمة يكتبون لهم، يقول الإمام البخاري -رحمه الله-: كتب إليّ محمد بن بشّار، فالمكاتبة طريق معتبر من طرق التحمل.
"كتب له هذه فريضة الصدقة" يعني هذا تقديرها التي فرضها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، يعني قدرها، وإلا فأصل الحكم الفرض والإيجاب من الله -جل وعلا-، ولذا قال: "والتي أمر الله بها رسوله" التي فرضها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قدّر الأنصبة، وما يؤخذ منها، وعيّن الأموال الزكوية التي تؤخذ منها الزكاة، التي فرضها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على المسلمين، والتنصيص على المسلمين لأنهم هم الذين يمتثلون ما فرض عليهم، وإلا فالكافر مخاطب بها على ما قرر في دخول الكفار في الخطاب بفروع الشريعة، وأشرنا إليه آنفاً.
"والتي أمر الله بها رسوله" نعم فرضها ثابت في القرآن، ودل على فرضيتها الكتاب والسنة والإجماع، وهي ركن من أركان الإسلام، وأمرها عظيم، وشأنها خطير، وإذا منع الناس زكاة أموالهم حرموا القطر من السماء، نسأل الله السلامة، عقوبة لهم، جزاءً وفاقاً، فتلفت أموالهم بسبب حرمانهم القطر من السماء، تلفت أموالهم وزروعهم ومواشيهم، تلفت أنفسهم، والله المستعان.
"في كل أربع وعشرين من الإبل، فما دونها الغنم" هناك زيادة في البخاري: "فإذا بلغت خمساً من الإبل ففيها شاة"، وهذه الرواية تغني عنها.