يقول: وروى الترمذي عن المغيرة نحوه، لكن قال: ((فتأذوا الأحياء)) يعني إذا كان لهذا الميت الذي أرتكب ما ارتكب مما يبرر سبه هو يتأذى به، ويتأذى به قريبه الحي، لا شك أن الإنسان لا يرضى أن يذكر قريبه بما يسوؤه، فيتأذى بذلك، وأذية المؤمنين سواء كانوا أحياء أو أموات محرمة، {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا} [(58) سورة الأحزاب] المقصود أن مثل هذا المؤذي يمنع في حق الحي والميت، لا سيما المسلم، وأما الكافر فمحل خلاف ولا أعظم من وصفه بالكفر، نسأل الله السلامة والعافية، لا سيما إذا كان مما يستريح منه المسلمون، أقول: من الأذية للميت القعود على قبره، والمشي عليه، القعود على القبر والمشي عليه، وجاء في الحديث الصحيح: ((لأن يقعد أحدكم على جمرة فتحرق ثيابه فتخلص إلى جلده خير له من أن يجلس على قبر)) وجاء في حديث أبي مرثد: ((لا تصلوا إلى القبور، ولا تجلسوا عليها)) فالجلوس على القبور محرم، وجاء عن ابن عمر وعن علي -رضي الله عنه- أنه كان يضطجع على القبر، ويجلس عليه، ولعل النهي لم يبلغهما، ولذا قال مالك: إن القعود على القبر بالنسبة للجلوس العادي لا شيء فيه، وحمل ما جاء من النهي عنه على القعود لقضاء الحاجة، لكنه تأويل مستكره بعيد، بعيد جداً يعني، يعني الإنسان .. ، أليس من الامتهان أن يوطأ القبر وقد نهي عن المشي في النعال بين القبور لا على القبور فكيف بالقعود؟ نعم هذا لا شك أن هذا التأويل بعيداً جداً من الإمام، والإمام معروف حد يبي يقدح في ذاته، إمام دار الهجرة، ونجم السنن، ولا أحد يتطاول عليه، لكن تأويله هذا ضعيف، ونكون بهذا انهينا كتاب الجنائز، وفي درس العشاء -إن شاء الله تعالى - ننهي كتاب الزكاة، وأما كتاب الصيام فسوف يعلن عنه لاحقاً في دورة مدتها ثلاثة أيام -إن شاء الله- الأربعاء والخميس والجمعة قبيل رمضان للمناسبة -إن شاء الله تعالى- وننهيه -إن شاء الله- ...