هذا الحديث الذي أشرنا إليه أنفاً، وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: لما توفي عبد الله بن أُبي رأس المنافقين، الذي نهي النبي -عليه الصلاة والسلام- عن الصلاة عليه، أخباره كثيرة شهيرة في مضاداته ومحاداته للدعوة ولصحابها -عليه الصلاة والسلام-، ومات على نفاقه -نسأل الله السلامة والعافية- قال لما توفي عبد الله بن أُبي جاء ابنه إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: "أعطني قميصك أكفنه فيه" "أعطني قميصك" هذه محبة جبلية من الابن تجاه أبيه وإلا فهو عدو، المنافق -نسأل الله السلامة والعافية- لا تجوز مودته ولا محبته، لكن هذه جبلة بحيث لو خالفت هذه المحبة والمودة الحكم الشرعي، هل يجرؤ عبد لله الابن أن يطلب مثل هذا لو جاء النهي عن ذلك؟ لا، المودة والمحبة الجبلية لو عارضت المحبة الشرعية صارت محرمة، ((أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما)) فإذا قدم هذه المودة الجبلية على أوامر الله وأوامر رسوله ما صار الله ورسوله أحب إليه مما سواهم، لكن الولد مجبول على حب أبيه، والبحث عن شيء عله أن ينفعه، فطلب من النبي -صلى الله عليه وسلم- القميص ليكفنه فيه، فأعطاه النبي -عليه الصلاة والسلام- قميصه، وقلنا: إن هذه مكافئة، لما أسر العباس في بدر كساه ابن أبي قميصاً، فأراد النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يكافئه، جاء ما يدل على أن النبي -عليه الصلاة والسلام- لما دفن ابن أبي .. ، وهل الدفن حقيقة أو يراد إرادة الدفن، أقول: لما دفن عبد الله بن أبي كساه النبي -عليه الصلاة والسلام- قميصه، فهل المراد أنه لما دفن نبشه النبي -عليه الصلاة والسلام- وألبسه قميصه ونفث فيه من ريقه، أو أنه لما أراد دفنه لما دلوه في قبره كساه النبي -عليه الصلاة والسلام- قميصه، الفعل الماضي يطلق ويراد به حقيقته، وهو حصول الفعل والفراغ منه، ويطلق ويراد به الشروع فيه، ويطلق ويراد به إرادته، والرواية الثانية صحيحة أنه لما دفن في البخاري وغيره، لكن هذه الرواية متفق عليها أنه أعطاه القميص قبل أن يكفن، والرواية الثانية أنه لما دفن ألبسه قميصه فاحتمال أنه نبشه بعد دفنه، واحتمال أنه قبل أن يدفن بعد أن دلي في قبره ألبسه القميص، وللتوفيق بين