نعم هذا الحديث يقول النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((من اغتسل ثم أتى الجمعة)) والغسل للجمعة تقدم الكلام فيه، وما جاء في تأكده واستحبابه، وإن قال بعضهم بوجوبه، المقصود أنه من السنن المؤكدة ((من اغتسل ثم أتى الجمعة فصلى ما قدر له)) اغتسل ثم أتى الجمعة، وجاء الحث على الإتيان إليها ماشياً، والرجوع منها كذلك ماشياً، فإذا اغتسل وأتى الجمعة فصلى ما قدر له الذي كتب له ركعتان فأكثر، ركعتان أو أربع أو ست أو ثمان أو عشر ما كتب له وما قدر له، فإذا صلى ركعتين وجلس هذا صلى ما كتب له، إذا صلى أربع وجلس هذا صلى ما كتب له وهكذا، لكن اللفظ يفهم منه الحث على الصلاة الحث على الصلاة؛ لأن الصلاة مؤثرة في المغفرة نعم؛ لأنها من المؤثرات في هذه المغفرة والإكثار منها أفضل من الإقلال، فيفهم منه أنه كلما أكثر من الصلاة في هذا الوقت أنه أفضل ((من اغتسل ثم أتى الجمعة فصلى ما قدر له)) وإلا فالحديث ليس فيه حد للركعات التي تصلى في هذا الوقت ((ثم أنصت)) لم يتكلم ابتداءً، ولم ينكر على من تكلم ((حتى يفرغ الإمام من خطبته)) دل على أنه لا مانع من الكلام بين الخطبة والصلاة ((حتى يفرغ ... من خطبته ثم يصلي معه)) يعني الجمعة ((غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى، وفضل ثلاثة أيام)) وفضل ثلاثة أيام، يعني عشرة أيام، وجاء في الحديث الصحيح أيضاً: ((الجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، والصلوات الخمس)) وجاء أيضاً: ((العمرة إلى العمرة كفارات لما بينهن ما لم تغش كبيرة)) وفي راوية: ((ما اجتنبت الكبائر)) فالغفران للذنوب الصغائر هنا، سواء من الجمعة إلى الجمعة أو غفران عشرة أيام كما هنا في حديث الباب، أو الصلوات الخمس إلى الصلوات الخمس، يعني من الصلاة إلى الصلاة، والعمرة إلى العمرة، رمضان إلى رمضان كلها مكفرات، ما لم تغش كبيرة، فالكبائر لا يكفرها مثل هذه الأعمال، بل لا بد لها من توبة، لا بد لها من توبة، قد يقول قائل: إنه إذا لم يغش كبيرة ما هو بحاجة إلى هذه الأعمال؟ يتصور أن يقال: إن مجرد اجتناب الكبائر كفيل بتكفير الصغائر وغفرانها {إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} [(31) سورة