فـ ((إذا سمعتم الإقامة فامشوا إلى الصلاة وعليكم السكينة والوقار)) هل يفهم منه أننا إذا لم نسمع الإقامة نسرع أو من باب أولى؟ فإذا العادة أن الإنسان إذا سمع الإقامة قد يوجد لنفسه مبرر للسرعة من أجل أن يدرك، يدرك إدراكاً نسبياً حسب حاله، إن كان ممن يريد إدراك تكبيرة الإحرام، يريد إدراك الركعة، يريد إدراك قراءة الفاتحة، يريد إدراك مكان في المسجد؛ لأن بعض المساجد مع الإقامة تمتلئ لا سيما المساجد التي في الأسواق، وبعض الناس يسرع لأي غرض من الأغراض، فمثل هذا لا يجوز له أن يسعى.
((إذا سمعتم الإقامة فامشوا إلى الصلاة -مشي- وعليكم السكينة والوقار)) لأنه في صلاة، إذا خرج من بيته لا ينهزه ولا يدفعه إلى الخروج إلا الصلاة فإنه في صلاة، ولا يرفع رجله إلا بحسنة، ولا يحطها إلا وتحط عنه خطيئة، والإسراع يفوت عليه كثير من هذه الحسنات؛ لأنه يقتضي ويستلزم مد الرجل فتقل الخطى، يقل عددها.
((إذا سمعتم الإقامة فامشوا إلى الصلاة)) ما دام في صلاة منذ أن خرج من بيته وخطاه مكتوبة حتى أنه لينهى عما ينهى عنه وهو في الصلاة، ينهى عن تشبيك الأصابع إذا خرج من بيته إلى الصلاة؛ لأنه في صلاة، ((فامشوا إلى الصلاة وعليكم السكينة والوقار)) عليكم يعني تظهر عليكم، تبدو عليكم السكينة والوقار.
((ولا تسرعوا)) هذا النهي تأكيد لمفهوم الأمر السابق ((ولا تسرعوا)) وقلنا في الجمعة: {إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا} [(9) سورة الجمعة] ومعلوم أن السعي هو الإسراع هذا الأصل، فهل الجمعة مستنثاة من هذا الحديث أو هي داخلة في الحديث؟ ((إذا سمعتم الإقامة)) يشمل الإقامة للجمعة وغيرها، يعني المسارعة إلى الحضور، لا الإسراع في كيفية الحضور، المسارعة، جاء الأمر العام (سارعوا) (سابقوا) هل معنى هذا أن الإنسان يرفع ثوبه ويجري ليسبق غيره سابقوا؟ ليس هذا هو المعنى، إنما المقصود به المبادرة إلى أفعال الخير، وليس المراد به الجري والركض لتحصيل هذا الخير.