جاء في الحديث أمر أولو الأحلام والنهى أن يتقدموا فيلوا الإمام ((ليلني منكم أولو الأحلام والنهى)) يعني الكبار العقلاء، لا يترك المجال للسفهاء، للصبيان، للصغار، فهل معنى هذا حث الكبار على التقدم أو طرد الصغار من الصفوف الأولى؟ نعم حث الكبار على التقدم، وليس معناه طرد الصغار؛ لأن من سبق إلى مباح -كما تقول القاعدة الشرعية- أحق به، ولا يجوز للأب أن يقيم ولده ليجلس في مكانه، لا يجوز له ذلك، فمعنى هذا حث الكبار على التقدم إلى الصلاة والصفوف الأولى، وهم أولى بذلك من الصغار ((ليلني)) تقدموا، يجب عليك أن تتقدم، لكن هل إدراك أول الجماع واجب وإلا سنة؟ هل التقدم إلى الصلاة والصف الأول واجب وإلا سنة؟ يعني شخص ما يجي إلا مع الإقامة تقول: فعل محرم؟ آثم؟ لا، الأمر للاستحباب، الأمر للاستحباب.
حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: "صليت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذات ليلة" هي الليلة التي بات فيها عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وخالته ميمونة بنت الحارث "صليت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذات ليلة، فقمت عن يساره" صف عن يسار الإمام "فأخذ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- برأسي من ورائي فجعلني عن يمينه" هذا موقف الواحد مع الإمام، الشخص الواحد إذا أراد أن يصلي مع الإمام يقف عن يمنيه، ولو وقف عن يساره تصح صلاته وإلا ما تصح؟ لا تصح، لا بد أن يقف عن يمينه، لو وقف وراءه؟ لا تصح؛ لأنه فذ، منفرد، إذن لا بد أن يقف عن يمنيه إذا كان هناك أكثر من واحد يصليان، الاثنان يصليان خلفه، وإن كان أحدهما عن يمينه والآخر عن يساره فعله ابن مسعود، ولعله لضيق المكان، وإلا فالأصل أن يتقدم الإمام في هذه الصورة.
وهنا فيه دلالة الحديث على صحة صلاة المتنفل بالمتنفل، إمام في النافلة يصلي بمن يقتدي به، وعرفنا فيما تقدم لما اتخذ النبي -عليه الصلاة والسلام- الحجرة من حصير، وثابوا إليه، وتتبعوه، وصلوا وراءه، وفي رمضان انقطع في الليلة الثالثة أو الرابعة، يدل على أن الجماعة للنافلة لا بأس بها ما لم تتخذ عادة، يعني إن صلوا جماعة أحياناً لا بأس، وهذه المسألة تقدمت.