يقول -رضي الله عنه-: "قال: قال أبي: "جئتكم والله" بعد أن وفد على النبي -عليه الصلاة والسلام-، أبوه سلمة بن نفيع يقسم أنه جاء من عند النبي -صلى الله عليه وسلم- حقاً مرسل من عند الله رسالةً "حقاً" حقاً مصدر مؤكد، فقال بعد كلام سبق، بعد أن علمهم مواقيت الصلاة قال لهم بعد ذلك: ((فإذا حضرت الصلاة)) يعني دخل وقتها ((فليؤذن أحدكم)) يعني من غير اشتراط في المؤذن ((وليؤمكم أكثركم قرآناً)) وبهذا يفضل جمع من أهل العلم الإمامة على الأذان؛ لأن الإمامة لها شروط فيها أولويات، فيها مقدم وغيره، أما الأذان يؤذن أحدكم، وإن كان أهل العلم يشترطون في المؤذن أن يكون ثقة، أميناً، صيتاً يبلغ الناس، ويعلمهم بدخول الوقت، ((أحدكم)) يعني ممن يصلح للأذان؛ لأن (أحدكم) مفرد مضاف يعم جميعهم، لكن إن شئت فقل: إنه من العام الذي أريد به الخصوص، لو قدر أن فيهم الأبكم يشمله هذا العموم؟ لا يشمله هذا العموم، وجد فيهم من يتكلم لكن لا يستطيع رفع الصوت -وهذا موجود في الناس- لا يصلح للأذان؛ لأن الأذان وظيفة شرعية الهدف منها إخبار الناس بدخول وقت الصلاة، فالذي لا يتحقق فيه الهدف الشرعي لا يصلح للأذان، ولا بد أن يكون المؤذن مع كونه صيتاًَ أن يكون أميناً عارفاً بالأوقات، يكون أمين مؤتمن؛ لأن غير الأمين، غير الثقة في هذا الباب لا يأمنه الناس على عباداتهم، لا يأمنه الناس على أوقات الصلاة، ولا على وقت اللزوم، ولا على وقت الإفطار، فهي وظيفة شرعية تترتب عليها أحكام، عارف بالأوقات، الجاهل الذي لا يدري متى يدخل وقت الظهر ولا وقت العصر، ولا يخرج وقت المغرب هذا ما يصلح أن يكون مؤذن، لا بد أن يكون عارفاً بالأوقات.