قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ولو ثبت على هذا لكان قوله من جنس قول غيره، لكنه متناقض؛ ولهذا كان مقدم الاتحادية الفاجر التلمساني يرد عليه في مواضع يقرب فيها إلى المسلمين، كما يرد عليه المسلمون المواضع التي خرج فيها إلى الاتحاد.
وإنما الحديث المأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم ما أخرجه البخاري عن عمران بن حصين رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (كان الله ولم يكن شيء قبله، وكان عرشه على الماء، وكتب في الذكر كل شيء، ثم خلق السماوات والأرض).
وهذه الزيادة الإلحادية وهو قولهم: (وهو الآن على ما عليه كان) قصد بها المتكلمة المتجهمة نفي الصفات التي وصف بها نفسه من استوائه على العرش، ونزوله إلى السماء الدنيا، وغير ذلك فقالوا: كان في الأزل ليس مستوياً على العرش وهو الآن على ما عليه كان، فلا يكون على العرش، لما يقتضي ذلك من التحول والتغير].
من هنا ندرك الخطأ المنهجي الكبير الذي خالفت فيه الفرق الكلامية أهل السنة والجماعة، فهذا من الفوارق بين أهل السنة والجماعة وبين الفرق المتكلمة الذي وقعت فيه جميع الفرق ما بين مقل ومكثر، وهو أن أهل السنة والجماعة التزموا ما جاء في الكتاب والسنة في صفات الله عز وجل الذاتية منها والفعلية، أي: ما كان متعلقاً بذات الله عز وجل أو بأفعاله، كما جاء في الكتاب والسنة دون التزام لهذه المستلزمات التي إنما هي تحكم من الخلق، وهي ما تسمى بالزمانية والمكانية والحدوث.
ومن هنا ندرك وجه الخطأ المنهجي الكبير الذي وقعت فيه الكلابية وورثتها ومن سلك سبيلها من الأشاعرة والماتريدية في نفي الصفات الفعلية عن الله عز وجل، وإنما فعلوا ذلك بقبولهم بهذا الأصل، واعتمادهم له في تقرير الصفات، ولجأ إليه هؤلاء حينما خرجوا عن الحد الشرعي في جدال الفرق الفلسفية والتزموا لوازم باطلة.