ذكر الشيخ فلسفة لـ ابن عربي تدل على مدى خبثه وإلحاده نسأل الله العافية، فقد ذكر معنى من المعاني التي قال بها ابن عربي في (الفصوص) وهي من المعاني الإلحادية، قلب فيها الحق بالباطل، وهذا مما فتح لعباد القبور وعباد الأوثان والأصنام في الأمة الذين يعبدون غير الله، أو يلجئون إلى غير الله من الموتى، والأحياء، وما يسمونهم أولياء، والأشخاص، والأحجار، والأشجار، والوزارات، والمشاهد، والآثار وغير ذلك كل ذلك يرجع إلى مثل قول ابن عربي قال: [وذكر -أي ابن عربي - أن إنكار الأنبياء على عباد الأصنام إنما كان لأجل التخصيص] هذا كلام مجمل مبهم، يشرحه ما بعده، [وإلا فالعارف المكمل من عبده في كل مظهر، وهو العابد والمعبود، وأن عباد الأصنام لو تركوا عبادتهم لتركوا من الحق بقدر ما تركوا منها، وأن موسى إنما أنكر على هارون لكون هارون نهاهم عن عبادة العجل] انظروا إلى قلب الحقائق، فقد جعل التوحيد شركاً والشرك توحيداً، وجعل إنكار موسى لهارون كأنه قال لهارون: لماذا لم تتركهم يعبدون العجل؟ وهذا مخالفة صريحة لصريح القرآن، فهل بعد ذلك متأول لمثل هذا الرجل؟ سبحان الله! [وأن موسى إنما أنكر على هارون لكون هارون نهاهم عن عبادة العجل؛ لضيق هارون، وعلم موسى بأنهم ما عبدوا إلا الله] تعالى الله عما يزعمون، يعني: حينما عبدوا العجل ما عبدوا إلا الله، هذا مذهب ابن عربي؛ لأنه يرى أن الله هو كل هذه الموجودات بما فيها العجل، بل صرّح -نسأل الله العافية- بأن ربه يتمثل في حيوانات خسيسة ذكرها في شعره، ولم يتورع عن ذلك، إلى آخر كلامه.
هذا أصل من أصول ابن عربي، وهو من الأصول التي سهّلت الشرك عند غلاة الصوفية وعباد القبور والأوثان.
ولما مثل النبي صلى الله عليه وسلم النبوة بالحائط من اللبن، وقد كمل سوى موضع لبنة فكان صلى الله عليه وسلم تلك اللبنة، فزعم ابن عربي أن الباقي من الحائط ثنتان من اللبن وليست واحدة، وأن النبي صلى الله عليه وسلم ما أدرك هذه الحقيقة، وأن اللبنة الأولى هي محمد صلى الله عليه وسلم، واللبنة الثانية خاتم الأولياء وهو بعد ذلك زعم لنفسه أنه هو خاتم الأولياء.
انظروا كيف أراد أن يقر الناس أنه خاتم الأولياء، فقال: الصحيح أن الباقي لبنتان وليست واحدة، لكن النبي صلى الله عليه وسلم ما رآها إلا واحدة؛ لأنه ما رأى إلا الظاهر، أما اللبنة الثانية فهي باطنة، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يدرك ذلك، واللبنة الثانية هي خاتم الأولياء.
ثم بنى على هذه الخيالات والأوهام أحكاماً كثيرة، زعم أن الولي أفضل من النبي؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أخذ عن جبريل، والولي أخذ ممن أخذ عنه جبريل، هكذا زعم، فمما قال عن خاتم الأولياء: [فإنه آخذ من المعدن الذي يأخذ منه الملك الذي يوحي به إلى الرسول صلى الله عليه وسلم] أي: أن الولي وخاتم الأولياء لا يحتاج إلى النبي صلى الله عليه وسلم ولا إلى جبريل أيضاً، هكذا زعم، وهذا ما جعله يصنف كتبه على أنها وحي وأنها بمثابة القرآن.
ثم ذكر أنه كان ولياً وآدم بين الماء والطين، قال: [وكذلك خاتم الأولياء كان ولياً وآدم بين الماء والطين، وغيره من الأولياء ما كان ولياً إلا بعد تحصيله شرائط الولاية، من الأخلاق الإلهية والاتصاف بها، من أجل كون الله يسمى بالولي الحميد].
ثم زعم وقال: [وخاتم الأولياء الولي الوارث، الآخذ عن الأصل المشاهد للمراتب، وهو حسنة من حسنات خاتم الرسل محمد صلى الله عليه وسلم] بعد قليل سيتنازل عن هذا ويرى أن الولي فوق النبي صلى الله عليه وسلم، وأن النبي هو نفسه حسنة من حسنات الولي، وهذا من التخليط واستدراج القراء، قال: [مقدم الجماعة، وسيد ولد آدم في فتح باب الشفاعة، فعين بشفاعته حالاً خاصاً ما عمم؛ وفي هذه الحال الخاص تقدم على الأسماء الإلهية].
ولاحظوا هنا الجرأة على الله عز وجل، يقول: [فإن الرحمن ما شفع عند المنتقم في أهل البلاء إلا بعد شفاعة الشافعين، ففاز محمد بالسيادة في هذا المقام الخاص] جعل فعل النبي صلى الله عليه وسلم وشفاعته والشفاعة مطلقاً أعظم من اسم الله عز وجل الرحمن.
ثم قال: [فمن فهم المراتب والمقامات لم يعسر عليه قبول مثل هذا الكلام].
ثم رد عليه شيخ الإسلام برد واف، رد عليه بالنصوص الشرعية، وبالمحاجة العقلية من وجوه كثيرة، وكل وجه يكفي لرد هذا الكلام.
ثم أخيراً: نقف على كلام للشيخ رحمه الله ذكر فيه وجوه كفرهم، فمن أراد أن يستفيد ولا أنصحه بأن يدخل في هذه المتاهات، فليرجع إلى الردود، لكن يمكن للواحد أن ينظر إلى أصول الردود الأول والثاني إلى آخره دون أن يتمعّن أو يتعمق، فلا أنصح بالتعمق في مثل هذه المسائل بأكثر من أخذ الأصول والمناهج ومواطن العبرة، نسأل الله السلامة والعافية.