حقيقة مذهب ابن عربي والقونوي والتلمساني وابن سبعين وابن الفارض والششتري وأتباعهم

قال رحمه الله تعالى: [فإن صاحب هذا الكتاب المذكور الذي هو (فصوص الحكم) وأمثاله مثل صاحبه القونوي والتلمساني وابن سبعين والششتري وابن الفارض وأتباعهم مذهبهم الذي هم عليه أن الوجود واحد، ويسمون أهل وحدة الوجود، ويدعون التحقيق والعرفان، وهم يجعلون وجود الخالق عين وجود المخلوقات، فكل ما يتصف به المخلوقات من حسن وقبح ومدح وذم إنما المتصف به عندهم عين الخالق، وليس للخالق عندهم وجود مباين لوجود المخلوقات منفصل عنها أصلاً، بل عندهم ما ثم غير أصلاً للخالق، ولا سواه.

ومن كلماتهم: ليس إلا الله، فعباد الأصنام لم يعبدوا غيره عندهم؛ لأنه ما عندهم له غير؛ ولهذا جعلوا قوله تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} [الإسراء:23] بمعنى: قدر ربك ألا تعبدوا إلا إياه؛ إذ ليس عندهم غيره تتصور عبادته، فكل عابد صنم إنما عبد الله].

يعني: أنهم فسروا (قضى) بمعنى قدر، وتلاحظون الفرق بين القضاء والقدر؛ لأن قضى معناها في كتاب الله عز وجل: شرع وأمضى ألا تعبدوا إلا إياه، لكن من البشر من عمل بمقتضى هذا الأمر ومنهم من لم يعمل، فهم فسروها بتفسير آخر، قالوا: إن الله قدر، يعني: إن الله كوناً وقدراً قدر ألا تعبدوا إلا إياه، فلذلك من عبد الأصنام فهو عابد لله؛ لأن ذلك كله من تخطيط الله، فعكسوا القضية تماماً وفسروا القضاء بمعنى القضاء الكوني القدري الذي لا يرد، فعلى هذا المعنى يكون الذين عبدوا غير الله إنما عبدوا الله بقضائه وقدره، وهذا لاشك أنه فهم منكوس، نسأل الله السلامة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015