يقول رحمه الله تعالى: [ما تقول السادة العلماء أئمة الدين وهداة المسلمين في كتاب بين أظهر الناس، زعم مصنفه أنه وضعه وأخرجه للناس بإذن النبي صلى الله عليه وسلم في منام زعم أنه رآه، وأكثر كتابه ضد لما أنزله، الله من كتبه المنزلة وعكس وضد عن أقوال أنبيائه المرسلة].
هذا الوصف ينطبق على أغلب كتب ابن عربي، لكن زعم في كتابين من كتبه أنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم، الأول: كتاب (الوصاية) لـ ابن عربي، كتاب كبير زعم أنه روى مقاطع كبيرة منه عن النبي صلى الله عليه وسلم، فيه هذيان من الكفر والضلال، نسأل الله العافية، ويزعم أنه رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم وأنه استمده منه.
والكتاب الثاني: (فصوص الحكم) (فصوص الحكم) يعتبر خلاصة كتب ابن عربي الإلحادية الشركية، وله كتب كثيرة كلها مليئة بالباطل.
قال رحمه الله تعالى: [فمما قال فيه: إن آدم عليه السلام إنما سمي إنساناً؛ لأنه للحق تعالى بمنزلة إنسان العين من العين الذي يكون به النظر.
وقال في موضع آخر: إن الحق المنزه هو الخلق المشبه].
يعني: الحق المنزه هو الله عز وجل.
يقول: (هو الحق المشبه) يعني: المخلوق، انظروا إلى الكفر الصريح بدون التواء، بعبارة واضحة: الحق هو الخلق، هذا معنى كلامه، يعني: لا فرق بين الحق والخلق، ولذلك كما سيأتي جعل عبادة الأوثان هي حقيقة التوحيد.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وقال في قوم نوح عليه السلام: إنهم لو تركوا عبادتهم لود وسواع ويغوث ويعوق ونسرا لجهلوا من الحق بقدر ما تركوا من هؤلاء].
يعني: من الأشياء التي يمدح بها هؤلاء الوثنيون أنهم ما تركوا عبادة هذه الأصنام، فهو يثني عليهم بعبادة الأصنام، بل في (فصوص الحكم) صرح بذلك وزعم أن عباد الأوثان، والذين أنكروا الله عز وجل مثل: فرعون، والذين تعالوا على الله عز وجل، والذين تكبروا وتجبروا هم أصحاب الحق، وأنهم أقرب إلى الحق من الأنبياء وأتباعهم، فهو يسمي الأنبياء وأتباعهم العامة والعوام.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ثم قال: فإن للحق في كل معبود وجهاً، يعرفه من عرفه، ويجهله من جهله، فالعالم يعلم من عبد، وفي أي صورة ظهر حتى عبد، وأن التفريق والكثرة كالأعضاء في الصورة المحسوسة.
ثم قال في قوم هود عليه السلام: بأنهم حصلوا في عين القرب، فزال البعد، فزال مسمى جهنم في حقهم، ففازوا بنعيم القرب من جهة الاستحقاق، مما أعطاهم هذا المقام الذوقي اللذيذ من جهة المنة، فإنما أخذوه بما استحقته حقائقهم من أعمالهم التي كانوا عليها، وكانوا على صراط الرب المستقيم.
ثم إنه أنكر فيه حكم الوعيد في حق كل من حقت عليه كلمة العذاب من سائر العبيد، فهل يكفر من يصدقه في ذلك أم لا، أو يرضى به منه أم لا؟ وهل يأثم سامعه إذا كان عاقلاً بالغاً ولم ينكره بلسانه أو بقلبه أم لا؟ أفتونا بالوضوح والبيان، كما أخذ الميثاق للتبيان، فقد أضر الإهمال بالضعفاء والجهال، وبالله المستعان وعليه الاتكال، أن يعجل بالملحدين النكال؛ لصلاح الحال، وحسم مادة الضلال].
يعني: السائل يسأل بحرقة؛ لأنه عبر عن أمر موجود بين من ينتسبون للعلم، وكأن التاريخ يعيد نفسه، اليوم بين المنتسبين للعلم من يغتر بمثل هذا الكفر، ويجعل له تأولات، ويقول: يمكن له وجه صحيح، أو يقول هذه وجهة نظر أو نحو ذلك من الأمور.
فقد وجد حتى في عهد شيخ الإسلام ابن تيمية من يصدق مثل هذا الكلام أو لا ينكره، أو يبحث ويسعى إلى المعاذير لهؤلاء الملاحدة الزنادقة، وهذا -نسأل الله العافية- من الضلال المبين، وهذه الأمور سيتكلم عنها الشيخ الآن بوضوح.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [فأجاب: الحمد لله، هذه الكلمات المذكورة المنكورة، كل كلمة منها هي من الكفر الذي لا نزاع فيه بين أهل الملل من المسلمين واليهود والنصارى، فضلاً عن كونه كفراً في شريعة الإسلام].
هذا الاستهلال في الرد منهج شرعي أصيل ينبغي أن يتنبه له طلاب العلم اليوم، لما كثر التميع والخذلان للحق من قبل أهل الحق، فينبغي لطالب العلم في مثل هذه الأمور الواضحة الخطأ الباطلة، ينبغي عند الرد أن يستهل الكلام بالألفاظ التي تنفر القارئ من الباطل، وذلك بألا نستعمل الأساليب التي استعملها بعض المعاصرين وسموها: أساليب التجرد، ويزعمون أن على الإنسان أن ينقل هذه المقولات ويحكيها كما يحكيها أصحابها، وكأنه يدعو إليها، هذا لا يجوز، بل الباطل البين والخطأ البين عندما نرد عليه سواء بكلام شفوي أو مكتوب لا بد أن يتضمن الرد التنفير من الباطل والترغيب في الحق، وكشف الباطل والدفاع عن الحق، فالشيخ قال: (هذه الكلمات المذكورة المنكورة كل كلمة منها) هذا كلام مجمل أراد به قبل أن يفصل أن يحصن القارئ من أن تدخل في قلبه هذه الشبهات، وهذا هو الأسلوب الشرعي، لا كما يفعله بعض المثقفين والمعاصرين وبعض الكتاب الإسلاميين من نقل كلام المخالف على عواهنه؛ خشية غضب أهل الباطل، أو يخشون من أن يكون للقارئ موقف، لا، بالعكس في الأمر ا